صدر أول من أمس التقرير الأخير للجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري وجرائم أخرى. تشرح «الأخبار» مضمونه، وتراجع مسؤولين لتوضيح بعض ما ورد فيه. نبدأ بالصعوبات التي اعترضت عمل اللجنة خلال الأشهر الـ 8 الماضية
عمر نشّابة
التقرير الحادي عشر للجنة التحقيق الدولية المستقلة التي يرأسها القاضي الكندي دانيال بلمار يُعدّ الأهمّ ليس فقط لأنه الأخير قبل انطلاق عمل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في مطلع آذار 2009 المقبل، بل لأن كاتبه هو نفسه من سيتولى منصب المدعي العام الدولي لدى هذه المحكمة. المحقق بلمار الذي يحرص على التكتم وعدم تسريب معلومات قد تتيح فرص إفلات ضالعين في الجرائم من الملاحقة، لمّح في تقريره باقتضاب إلى التحديات التي واجهها فريقه خلال الأشهر المنصرمة. هذه التحديات وخصوصاً تلك المتعلقة بجمع المعلومات، قد تواجهها أيضاً المحكمة الدولية وخصوصاً خلال المراحل الأولى من عملها، إذ «يفترض بمكتب المدّعي العام بعد بدئه العمل أن يستمرّ في جمع الأدلة التي ستدعم اتهاماً تصدره المحكمة» (5).

نقص في المعلومات

الفقرة 22 من التقرير تنصّ حرفيّاً «واجهت اللجنة صعوبات في الحصول على معلومات حسّاسة». ولم يقدم التقرير تفاصيل إضافية، إنما علمت «الأخبار» أن صعوبة حصول اللجنة على معلومات حساسة لا تعني عدم تعاون جهات طلبت منها اللجنة تقديم تلك المعلومات. بل إن الأمر يعني عدم تمكّن المحقّقين أنفسهم من جمع تلك المعلومات بالطريقة المهنية والقانونية المناسبة بسبب حذرهم من إفشاء خيوط التحقيق لمصدر المعلومات. ولذا عبّر بلمار عن «حساسية» تلك المعلومات في نصّ التقرير.
أما بما يتعلّق بتعاون الدول الأعضاء مع التحقيق فذكر التقرير أنه كان مرضياً بحيث تمّ تزويد اللجنة بالمعلومات المطلوبة بدون تأخير (البابين «ب» و «ج»). غير أن الفقرة 23 تشير إلى أن اللجنة «الإجابات الناقصة تؤخّر تقدم التحقيق» رغم تفهّم بلمار لـ«العبء الملقى على عاتق الدول في الاستجابة لطلبات اللجنة»، وأن المحقّق متنبّه للأسلوب الذي يعتمده بعض الأمنيين في الإجابة عن معظم الأسئلة بإسهاب وترك الأسئلة الحساسة دون جواب. ومع ذلك فإن إخفاء بعض المعلومات عن لجنة التحقيق لا يؤدي بالضرورة إلى اشتباه جدي، بل إن اللجنة لاحظت التصرّف الحذر لجهات سياسية وأمنية محلّية وإقليمية لجهة الإدلاء بمعلومات في حوزتها.

الوضع الأمني الحسّاس

ذكرت الفقرة 13 من التقرير أنه «خلال فترة التحقيق الماضية، كانت البيئة الأمنية غير مستقرة، وحدثت أعمال عنف في أيار 2008. في تلك الفترة، تنقّلات اللجنة كانت محدودة، وأُجِّلَت مقابلات وأعمال تحقيقية أخرى». وفي الفقرة التالية جاء أنه «بعد أحداث أيار، حصلت أعمال عنف في مناطق مختلفة» وذكر أن «البيئة الأمنية في لبنان والمنطقة لا تزال هشّة. ونتيجة لذلك، لا تزال تنقّلات أفراد من اللجنة محظورة في عدد من المناطق». والتركيز هنا ليس على المربعات الأمنية والضاحية الجنوبية لبيروت حيث لا شأن لتحقيقات اللجنة، بل في أماكن أخرى لا يمكن حتى للقوى الرسمية اللبنانية دخولها بسبب وضع خاص كان سائداً منذ سبعينيات القرن الماضي. وبالتحديد لا يخفى على أحد صعوبة جمع معلومات دقيقة عن بعض المطلوبين وعن مواد تفجير وأدواتها يشتبه في وجودها في بعض مخيّمات اللجوء الفلسطينية. ولا يعني ذلك بأي شكلٍ من الأشكال اشتباهاً بضلوع جهات فلسطينية في الجريمة.