غادة دندشتمكنت مجموعة من العلماء الأميركيين من إحراز تقدم نظري في الأبحاث التي كانت تجريها على أداء الذرّات غير المفهوم كلياً عند تعرّضها إلى حقل مغناطيسي عالي القوة. ويبدو أن هذا الإنجاز سوف يساعد العلماء على تحسين أداء الـ IRM أي آلة التصوير بالرنين المغناطيسي، ليس فقط من حيث نوعية الصور التي تنتجها ودقتها، بل أيضاً من حيث إمكان أن تصبح هذه الآلة الضخمة محمولة وقادرة على أداء وظيفتها دون الحاجة إلى وضع المريض داخلها. «لقد اتّضح أن عدم قدرتنا على التحكم بأداء الذرّات لم يكن أمراً سيئاً في نهاية المطاف»، هذا ما يؤكّده فيليب غراندينتي البروفيسور في الكيمياء في جامعة أهيو الحكومية. أما سبب هذا القول فيعود إلى أن غراندينتي الذي استطاع مع مجموعة من زملائه إيجاد التفسير والأساس الرياضي النظري للأداء الغامض للذرّات في الحقل المغناطيسي، يأمل أن تكون هذه الخطوة الأولى على طريق تطوير عمل الـ IRM وسهولة استخدامها، وغيرها من التقنيات التي تستخدم قدرة الحقل المغناطيسي، وغيره، في التحكّم بالذرّات، وفق ما جاء في مجلة ScienceDaily.
خلال القرن العشرين طوّر العلماء منظومة أداء الرنين المغناطيسي إلى درجة مكّنتهم من استخدامها، عبر أدوات مختلفة، في دراسة المادة وتصوير دواخلها في جميع حالاتها، وأهم هذه الاستخدامات تلك التي سمحت بدراسة المادة في تركيبتها التفصيلية في حالتها الصلبة. في مجال الطب تُعدّ الـ IRM أحد التطبيقات الأكثر تطوراً لمبدأ التحكم بالذرّات عبر الحقول المغناطيسية الشديدة القوة.
مبدأ عمل الـ IRM بسيط، يعتمد على تركيبة الجسم البشري من ذرّات، من الممكن تغيير ترتيبها وتنظيمها حين تعريضها إلى حقل مغناطيسي شديد القوة. هذه الآلة هي عبارة عن مغناطيس ضخم على شكل نفق طوله متران وعرضه 60 سم. يُدخل جسد المريض فيه، وتُعرّض المنطقة المطلوب فحصها إلى حقل مغناطيسي قويّ يوجّه ذرّات الايدروجين الموجودة في السوائل النسيجية في اتجاه واحد، ثم تُبثّ موجات محددة لتغيير اتجاه هذه الذرّات مرة أخرى. بعد ذلك تتوقّف العملية فجأة وبسرعة، وتحصل الآلة على ردّ فعل من الجسم يُسمّى RESONANCE أي عودة الذرّات إلى وضعها الطبيعي. إن الموجات المنبثقة نتيجة هذه العملية يدرسها الاختصاصي لأنها تعبّر عن أداء الذرّات التي تعرّضت للحقل المغناطيسي، وتسمح بذلك بتشخيص حالة العضو الذي خضع للفحص. تبرع الـ IRM في تحديد حالة الدماغ والنخاع الشوكي والمفاصل والعضلات، وهي تقدّم أفضل المعلومات الممكنة عن حالة القلب والشرايين والكبد والبنكرياس والأعضاء التناسلية والكلى والرئة.
ما توصّل إليه غراندينيتي وزملاؤه يعود إلى النظرية التي اعتمدها العلماء في تطبيق عمل الـ IRM وهي نظرية adiabatic theory، التي يمكن تبسيطها كالآتي «أي منظومة كمّية، أي مجموعة من المواد لها ترتيبة وتركيبة محددة، تخضع إلى تأثير خارجي مدروس وبطيء، وتستطيع أن تتأقلم بشكل يؤدي إلى تغيير كثافة المنظومة في حالتها الأساسية، الأمر الذي يسمح بعودة المنظومة بعد رحلتها إلى حالة تتناغم مع الحالة الأولى، وذلك عند انتفاء التأثير الخارجي أو توقّفه». إن التجارب التي كانت تُجرى كانت تُظهر اختلافاً في أداء الذرّات الحقيقي عما هو متوقع نظرياً من العلماء، لكن النتيجة النهائية كانت دائماً مقبولة وشبه متطابقة.
عبر تحليل بعض التجارب تمكّن غراندينيتي وزملاؤه من اكتشاف أن الذرّات تخضع في تفاعلها مع تأثير المغناطيس ليس إلى مبدأ الـ adiabatic theory بل إلى الـ super-adiabatic theory، المبدأ المختلف في تعقيداته الحسابية، ولكن المطابق من حيث آليته. ببساطة كانت الذرّات تصل في رحلتها إلى حيث يتوقّع العلماء أن تصل، لكنها كانت تسلك طريقاً مختلفاً عن الذي ترسمه توقّعاتهم.