طرابلس ــ خليل عيسى«الحركة ضعيفة بالنظر الى ما كان يجب أن تكون عليه. المشكلة هي أن الجو المشمس جعل الناس لا يشترون الثياب الشتوية، بل الألبسة الخفيفة كالقمصان وتوابعها». تزعج شمس كانون غير المتوقعة بائع الأحذية الرجالية في شارع الثقافة، يونس عجاج، رغم زحمة المتسوّقين في طرابلس.
فقد تدفّق الطرابلسيون إلى السوق في مشهد كادت المدينة الفيحاء أن تنساه بعد أشهر طويلة من الأحوال الأمنية المتقلبة، لكن وفرة المتسوّقين لا تعني بالتأكيد وفرة البيع، والشمس التي يضايق دفؤها بعض التجار في طرابلس ليست السبب الوحيد في قلة البيع.
فـ«السّوق ما كتير منيح!»، و«العالم لا تشتري مقارنة بعيد الفطر الذي سبق. فمثلاً، الرجّال بدل ما يقول لمرتو خدي 200 ألف واشتري، بيقلها خدي 100 وحلّي عنّا! مبارح كان رمضان وعطيناكي!»، كما يرى بائع الحلويات، علي الأمين. يشاركه صاحب المحلّين المتلاصقين للصاغة والذهب توفيق الشّهال الرأي «ما حدا إلو قلب يشتري ويحط مبلغ كبير»، يقولها مشيراً الى الزحمة أمام محلّه «هيدي الزحمة عنّا من عشر سنين بس هيدي ما بتطّعمي خِبَز»، ليصل الى بيت القصيد «المهم يشتروا!».
إلا أن ذلك ليس الرأي الوحيد السائد بين تجار أسواق طرابلس.
فرامي الحلو، مالك أحد محالّ الألبسة الرجّالية، يرى أن حركة البيع والشراء أفضل من السنة الماضية في مثل هذا الوقت، «لأنّو الوضع الأمني جيّد والطقس منيح والأعياد من ميلاد ورأس سنة كلّها ورا بعض ما تنسى!»، كما يشهد الحاج نهاد بكري المالك لمحل ألبسة شرعية، احتشدت فيه نساء للشراء، أن الحركة «جيّدة والحمد لله»، آملاً «أَنّو يتحسن الوضع السياسي شوي تتنفرج علينا بالعيد».
أما الحاج محمّد العريان، الذي يحضّر بنفسه حلويات يبيعها للمارة في سوق البازركان، فإنّه يعتقد أن الوضع أفضل، فـ«العالم يا عينَيّ ما بقا خايفة»، ويكمل «إذا الله أكرمنا من هون للعيد بيكون هيدا الموسم قطع على خير!». موسم ينتظر منه الحاج رضوان، صاحب محل الألبسة، أن يكون مثمراً واصفاً إياه بـ«الفرصة لأهالي طرابلس الذين عاشوا سنة قاسية»، لافتاً «وما تنسى إنو بعد الأضحى، هناك أعياد إخواننا المسيحيين»، بينما يتنهد مبتسماً، غامزاً بعينيه وفاتحاً كفيّه للأعلى، متمتماً «ومنقول إن شاء الله!».
في الوقت نفسه، تصطفّ في شارع عزمي مجموعة من النساء المحجبّات وقربهن كمية كبيرة من الحقائب، ينتظرن الباص الذي سيقلّهن لأداء مناسك الحج. يقفن على رصيف يضج بالحركة، في مدينة كانت تعدّ حتى الأمس القريب «أم الفقير» لرخص أسواقها، وتكافح اليوم لاستراق «فسحة من الأمل» بعد عام أنهكتها حروبه وتوتراته.