رامي زريقيتفق المختصون في شؤون التنمية الاقتصادية أن للزراعة دوراً أساسياً في إنهاض الأرياف ومكافحة الفقر وحماية البيئة. وقد جاء التقرير السنوي الأخير للبنك الدولي بعنوان «الزراعة من أجل التنمية» ليرسّخ هذا التوجه. إلا أن التقرير لم يصل إلى أروقة الحكومة اللبنانية على ما يبدو. وهذا أمر مستغرب، لأن معظم أعضاء هذه الحكومة هم من «مريدي» البنك الدولي، وخاصة في ما يتعلق بالخصخصة وبالتبادل التجاري الحر. فهم يتبعون وصاياه بحذافيرها، باستثناء تلك المتعلقة بالزراعة التي لا ينظرون إليها إلا من زاوية الربح المباشر والسريع. أما في سائر البلدان، وخاصة تلك التي يتمثّل بها دعاة التّنور، فموقفها من الزراعة مختلف تماماً. الاتحاد الأوروبي مثلاً، يدعم مزارعيه مباشرةً، أي مالياً، وغير مباشر، من خلال تأمين الخدمات الأساسية لهم، كالطرق والكهرباء والخدمات التربوية والصحية وما إلى هنالك.
وقد فشل وزراء الزراعة الأوروبيون في الاتفاق على تقليص قيمة الدعم المباشر المخصص للقطاع الزراعي، حيث احتجت ألمانيا والنمسا ورفضتا خفض الدعم لمربي المواشي الجبليين لأن الحكومة في كلا البلدين تعتبر أبناء هذا القطاع من المهمشين، يمارسون عملهم في ظروف صعبة. وبرّرت الحكومتان إصرارهما على حماية مربي الأبقار والماعز بأن هؤلاء هم جزء لا يتجزأ من منظومة إنتاجية خدماتية تلعب دوراً مهماً في تأمين الغذاء، وفي الحفاظ على الطبيعة التي تمثّل العامل الأساسي في إنجاح قطاع السياحة.
يتضح من هذا الموقف ارتباط مصير المزارع بمصير الأرض وبالاقتصاد الزراعي. ولبنان، كما نعلم، هو أيضاً بلد سياحي. لكن يبدو، حسب ما شهدناه من توجهات حكومية، أن لا دور للمزارعين في السياحة اللبنانية إلا إذا تعلموا «هز الخصر».