اعتصم صباح أمس عمّال التنظيفات في كليّة العلوم الفرع الأول، وتوقفّوا عن العمل لبعض الوقت، ردّاً على محاولات استبدالهم بعمّال أجانب
محمد محسن
إنها العاشرة صباحاً، يترك عمال كليّة العلوم أماكن عملهم ويتوجّهون نحو مكاتب الإدارة. المشهد يبدو لافتاً، وخصوصاً بعد انضمام طلاب الكلية إلى العمال الذين تكبّد البعض منهم صعود درج الكليّة المزعج نظراً لكبر سنّه. يفاجأ الحاضرون بمشهدٍ آخر، إذ يبدأ بعض العمال بالصراخ وبرمي النفايات في حرم إدارة الكليّة.
«الكليّة لنا» هذا هو لسان حال عمال التنظيفات في كلية العلوم في الحدث. فالاعتصام الذي تطوّر أمام إدارة الكليّة، ما هو إلّا حركة عفوية قام بها العمال لا من أجل مطالب جديدة، بل للحفاظ على وظائفهم.
يبدو وضع عمّال التنظيفات في كليّة العلوم صعباً جداً، إذ هم معرضون اليوم للطرد دون أي تعويض، بعدما «قرّرت الشركة الجديدة التي نالت التلزيم، استبدالنا بأجانب، سوريين وهنود» كما تقول إحدى العاملات. تدعونا عاملة أخرى للجلوس، وتبدأ بمطالعةٍ دفاعية. «رحلت إسرائيل عن الكليّة، وجئنا نحن» تقول عاملة التنظيفات التي رفضت الكشف عن اسمها «أحسن ما يضايقوني يا إبني». تكمل شرحها، فتشير إلى أنّ عمال التنظيفات مستهدفون، وهم تحت خطر الاستبدال بعمال آخرين، دون أن يقبضوا أي تعويض. وتؤكد أنّ المسؤولين «كانوا يغيرون لنا أسماءنا كل ثلاثة أشهر، كي لا يأتي يوم ونقبض فيه تعويضنا».
تتسلّم عاملة أخرى دفّة الحديث، وتروي كيف أنّها بعد ستة عشر عاماً خدمة بين أروقة الكليّة ستخرج خالية اليدين من أي تعويض، علماً أن «زوجي عاجز، وعيني انطفأت بمستحضرات التنظيف». وتؤكد أنّها لم تنل أية تعويضات صحيّة، فتكفّل شقيقها بعلاجها على نفقته بعدما باع سيارته.
وتتحسر عاملة أخرى على عدم نيل العمال في الكليّة أية زيادة على الأجور أسوة بالجميع، وتعلن أنّها ستصبح في العراء حين تنفّذ الشركة قرارها. وتضيف العاملة «جئنا إلى هنا ولم يكن حول الكليّة حجر معمّر، نعمل في الكليّة كأنها بيتنا الأول لا الثاني».
وأشار كثير من العمال الذين يبدأ دوام عمل الكثيرين منهم عند طلوع الفجر، إلى أنّهم تعرّضوا للإهانة من أمين سر الكليّة، الذي قال لهم حرفياً «بالعربي، ما إلكن شغل معنا». كذلك أشار العمال إلى أنّ الشركة المسؤولة والكليّة «شهّونا الليرة»، إذ إن الراتب كان يصلهم كل ثلاثة أشهر. تصرخ هنا إحدى العاملات «من يقبل أن يأخذ 280 ألف ليرة، عندما كان الحد الأدنى 350 ألف؟».
ويؤكد مصدر في الكلية أن لا قدرة للإدارة على تلبية مطالب العمال رغم تعاطفها الكبير مع قضيّتهم. ويشرح المصدر رأي الإدارة، فيشير إلى أن هذه الأخيرة ليست ربّ العمل حتى يأتي العمال ليطالبوها بالتعويض، أو الزيادة على الحد الأدنى للأجور، كما هي لا تستطيع إبقاءهم في وظيفتهم. ويشير إلى أنّ الشركة الجديدة عرضت أن تأخذ القسم الأكبر من هؤلاء العمّال على عاتقها «مع راتب 500 ألف وضمان» لكن مع حقها في توزيعهم خارج كليّة العلوم. لكنّ العمّال رفضوا ذلك، لأنهم في رأيه، «مدمنون ومتعلّقون بكليّة العلوم». ويؤكد المصدر أن القضية حالياً بين العمّال والشركة، ولا شأن لإدارة الكلية فيها «مع أنّنا أجبرنا العديد من الشركات في الماضي، على توظيف عمّال الكليّة» كما يؤكد .
كثيرة هي الأحيان التي يقف القانون فيها إلى جانب أرباب العمل، لكن مشهد عمّال العلوم المنهكين في كليتهم، يستدعي مساعدتهم سريعاً مهما تكن الظروف. يحبّ العمال كليّتهم. قالوا إنهم لن يتركوها إذا لم يجبروا على ذلك. وتمنّوا على المعنيين أن لا يصبح سؤالهم بعد فترة «من وين بدنا ناكل؟».