استأجرت بلدية مدينة النبطية قطعة أرض بغية استثمارها محطة وموقفاً للسيارات. ومع أن العقد ينصّ على استثمار لخمس سنوات يعود بعدها المكان إلى مالكه بكامل التجهيزات التي صارت عليه، إلا أنه مرّ عام ونصف عام من دون أن يبدأ الموقف عمله. وبين حجج أشغال البنى التحتية، وحجج تأخر الهيئة الإيرانية للإسهام في إعمار لبنان، المتبرعة بالأشغال على نفقتها، خسر الاستثمار نصف عمره تقريباً
كامل جابر
يروي أكبر الأعضاء سناً في المجلس البلدي لمدينة النبطية، أحمد طه، بمرارة كيف أنه سعى وسيطاً بين بلدية النبطية وأصحاب العقار الرقم 1643 وسط المدينة، عارضاً شراء هذا العقار بسعر 145 دولاراً للمتر الواحد «بيد أن المعنيين رفضوا، مقترحين سعراً أدنى بعشرة دولارات؛ ولم تُعقَد الصفقة، وراحت الأرض لغير البلدية».
لم يطل الأمر كثيراً، وعادت البلدية لتستأجر العقار عينه، من مالكه الجديد جهاد كاظم نحلة لمدة 5 سنوات لقاء أجر سنوي يبلغ 45 مليون ليرة لبنانية، بغية استخدامه موقفاً للسيارات العمومية، يخفف من أزمة المواقف في النبطية، على أن يعود إلى صاحبه بعد انقضاء المدة المتفق عليها، مع جميع المنشآت والبنى التحتية المقامة عليه. لكن، انقضت سنة ونصف السنة من بدء الإيجار، والموقف لم يفتح أبوابه بعد ليقوم بغايته المقررة، مع العلم أن البلدية دفعت حتى الآن أجرة سنتين؛ مكبدة خزينتها مبلغ 90 مليون ليرة لبنانية «راحت من دون جدوى».
جاء في حيثيات قرار المجلس البلدي لمدينة النبطية الرقم 71/2007 تاريخ 27/3/2007 أنه «لما فتشت البلدية طويلاً عن قطعة أرض ملائمة لإقامة موقف عمومي للسيارات والفانات، وجدت ضالتها في عقار وسط السوق التجاري تنطبق عليه المواصفات التي وضعتها لجنة تنظيم السير». ويصف القرار مكان الموقف بقطعة أرض سليخ مساحتها 3305 أمتار، خلف البنك المركزي. ويحق للفريق الأول (البلدية) إنشاء كل المرافق والخدمات على العقار موضوع العقد وتأهيله للغاية نفسها، وذلك على عاتقه ونفقته بغية تسهيل عمل الموقف».
ويشير عضو المجلس البلدي، أحمد طه إلى أن «الموقف كان يجب أن يبدأ نشاطه بعد شهر من توقيع العقد، ولا أدري لماذا هذا الاستهتار بالمال العام. أنا من جهتي غير موافق على ما يجري، وأعلنت ذلك داخل المجلس البلدي». ويضيف طه: «كان يمكن البدء بالموقف، بالتزامن مع بعض أعمال التأهيل، وخصوصاً أن هناك موقفاً عمومياً للسيارات والفانات قريباً من موقف البلدية، تسير أعماله بالتمام والكمال من دون مراحيض أو استراحة أو بنى تحتية». وبما أن للبلدية حقاً في استثمار الموقف ضمن سياق قانون البلديات «فأنا اقترحت أن تتسلمه وتشغله بداية لمدة شهرين حتى تطلع على إمكانات مدخوله لتحدد على أساسه طريقة الاستثمار؛ لكن المدة التي مرت من دون استثمار هي خسارة مؤكدة للبلدية وخزينتها».
بعد المباشرة بتنفيذ العقد «بدأنا في البلدية بإنشاء تصوينة وباشرنا أعمال الجرف بغية إقامة المنشآت اللازمة، ليكون موقفاً للسيارات العمومية نحو مختلف المناطق اللبنانية وجوار المدينة. ونحن في خضم الإعداد والمتابعة، وبعد دفع أكثر من خمسين ألف دولار على نفقة البلدية، أتت الهيئة الإيرانية للإسهام في إعمار لبنان لتتبنى تأهيل الموقف وإعداده على نفقتها ونفقة بلدية طهران، من ضمن مبلغ مليون دولار مقدم لبلدية النبطية». يقول طه وينفي أن يكون «لديّ جواب يبرر هذا التأخير في الأعمال وافتتاح الموقف، أكثر من سنة ونصف السنة. صدقني، أنا عضو مجلس بلدي، ولا أعرف سبب التأخير، وعندما أسأل أسمع جواباً بأن الموضوع بات قريباً. ما أعرفه أن مصارف المياه وقنواتها والصرف الصحي والتعبيد والإنارة تمت كلها، ويقال إن الأعمال النهائية تجري للمراحيض والاستراحة، وقد يكون الافتتاح آخر هذا الشهر أو مطلع السنة المقبلة».
وعند مدخل الموقف رفعت لافتة تسمي الجهة المنفذة للمشروع ومكتب الدراسات والمتعهد (مؤسسة المهندس خضر قديح) وتحدد المدة الزمنية لبدء الأشغال وانتهائها من 15 نيسان 2008 ولغاية 30 حزيران 2008، أي إن ستة أشهر تقريباً مرت على الوقت المحدد وليس من حسيب أو رقيب.
البلدية دفعت السنتين الأولى والثانية من إيجار الأرض «وفي التاريخ المحدد بالاتفاق، الذي جعلناه في الشهر السادس، أي حزيران من كل عام، بعدما أعفينا البلدية من الأشهر الثلاثة الأولى كفرصة مجانية حتى تحضر نفسها لانطلاق الورشة ثم الموقف». يقول وكيل صاحب الأرض، محمد أحمد طه ويشير إلى أن «صاحب الأرض طرح أصلاً مبلغ خمسين ألف دولار بدل إيجار سنوي، لكنه عاد واقتنع بالمبلغ المتفق عليه مع البلدية إسهاماً منه في دعم البلدية وأبناء المدينة».
ويؤكد أنه لم تكد تمر أشهر قليلة على شراء قطعة الأرض من قبل موكله جهاد نحلة «بمبلغ 145 دولاراً للمتر الواحدة، أي بقيمة 480 ألف دولار أميركي، حتى أتى من يرغب بشراء قطعة الأرض لقاء مبلغ 500 دولار للمتر الواحد، أي ما قيمته مليون و650 ألف دولار، فلو أن البلدية هي التي اشترت الأرض لكانت كسبت الكثير، لكن بعد نحو ثلاث سنوات ستعود الأرض إلى صاحبها، هذا من شروط العقد، وما أقيم عليها يصبح له، وهو حرّ في تجديد العقد مع البلدية أو إلغائه، وربما تحويل الموقف إلى مشاريع عمرانية».
ويؤكد المسؤول الإعلامي لبلدية النبطية، الصيدلي عباس وهبي «أن المشروع سيفتتح خلال عشرين يوماً في حد أقصى. لقد حصل بعض التأخير من الشركة المنفذة من قبل الهيئة الإيرانية، وهي مشكورة على تقديماتها، بسبب تطورات لم يكف الوقت الذي حددته لإنهاء ما كان مطلوباً». ويلفت إلى أن المشروع إنمائي وتنظيمي بامتياز وسوف يعود بفائدة كبيرة على المدينة، إذ سيتوج بخطة سير وإقامة آلات «بارك متر» لاستيفاء تعرفة عن الوقوف على جنبات الطرق الداخلية للسوق. والمشروع بما سيتضمنه من استثمار سيعوض أي خسارة حصلت بسبب التأخير ولا تكرهوا شيئاً لعله خير لكم.