رامي زريقيتفق المهتمون بالسياسات الغذائية على ضرورة إعادة تأهيل الزراعة لتجنب وقوع أزمة غذاء أخرى قد تأتي هذه المرة على شكل كارثة معولمة. وتتقاطع مخططات اليمين الليبرالي واليسار الاجتماعي عند توصيات مشتركة: تفعيل الاستثمار في الريف، ورفع إنتاجية الزراعة بهدف تحسين أداء المنظومة الزراعية. إلا أن معظم الخطط المطروحة من الجانبين تغفل عاملاً أساسياً في نجاح هذه العملية، وهو دور التعليم. فقد دلّت التجارب العالمية على أن للتعليم الريفي دوراً محورياً في نجاح برامج التنمية وفي الخروج من دوامة الفقر. كما أنه لا يمكن الانتقال من أنظمة إنتاج بدائية إلى أنظمة متطورة، إلا إذا استثمرت الدولة في مجال التربية، وخاصة في التعليم الابتدائي.
كانت منظمة الأونيسكو قد نشرت أخيراً تقريراً أشارت فيه إلى انتشار ظاهرة التسرب المدرسي في البلدان الفقيرة، وخاصة في الأرياف. شدد التقرير على أهمية الالتفات إلى نوعية التعليم وليس فقط إلى عدد المدارس أو إلى عدد الطلاب المسجلين، إذ إن العديد من الذين يتخرجون من الصفوف الابتدائية لا يجيدون القراءة. كما لفت إلى العلاقة المباشرة التي تربط التفاوت الاقتصادي بالتعليم.
فأولاد الفقراء لا يحظون بالفرص التعليمية نفسها التي يتمتع بها أولاد الأغنياء، مما يعمق التفاوت ويرسخه في المجتمع.
كذلك، ذكر التقرير فشل أنظمة التعليم الخاصة في تحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية، ما دفع معظم بلدان الغرب إلى التخلي عن خصخصة التعليم، فيما لا تزال الصناديق المالية والتنموية الغربية تدفع البلدان النامية نحو المزيد من الخصخصة.
وفي الوقت الذي يتقرر فيه مصير البلد وتدور رحى المزايدات الوطنية، ألا يجدر التذكير بأن الاستراتيجية الدفاعية الناجحة تبدأ باستراتيجية تعليمية عادلة؟