هاني نعيم
كان الازدحام خانقاً ظهر السبت الأخير من الشهر الماضي، قرب ساحة بلدية برج حمود، حيث حطّ سوق الطيب رحاله. «كلّو شغل بيت»، تقول إحدى المشاركات، مانوشاغ كيزيريان، مشيرة إلى المأكولات الأرمنية التي يتذوّقها الزوّار، بينما كانت تعطي لإحداهن رقم هاتفها الخلوي كي تعلّمها «على رواق» وصفة تحضير طبق استساغت طعمه. تنوّعت المأكولات، منها ما هو خاص ومجهول تماماً في المطبخ اللبناني، كطبق «كباب أورفا»، الذي سمي كذلك نسبة إلى منطقة أورفا الواقعة في أرمينيا الغربية والمحتلة من تركيا، ومنها ما يشبه الأطباق اللبنانية، مثل السبانخ، ورق العنب، والكبّة، مع تميّزها بكثرة التوابل والحر، أو «اللمسة الأرمنية» كما تسمّيها إحدى المشاركات. لمسة حوّلت التبولة إلى «إيتش»، يطغى عليها البرغل مع الكثير من الحر.
حضّرت بعض الأطباق نساء عاملات في صليب إعانة الأرمن، الذي يساعد الفقراء والمحتاجين والطلاب الأرمن الذين يريدون إكمال تعليمهم، كما تقول رئيسة الجمعية تالين كولبشيان.
كما شاركت جمعية hifood بوجبات جاهزة، مثل «سوبوريغ»، وهو عبارة عن عجين وجبنة وبقدونس، و«مانتي»، التي تشبه «الشيش برك» اللبنانية، بينما عبّر أحد أعضائها، جورج داغليان، عن سروره لإقبال اللبنانيين على الأكل الأرمني.
«أصبحنا نعرض الأطباق الأرمنية التي نعدها في المخازن اللبنانية الكبرى، بعدما ازداد الطلب اللبناني عليها»، كما يقول داغليان، موضحاً أنّ عائدات الجمعية تذهب لمساعدة الطلاب الذين يريدون إكمال تعليمهم.
في ظل هذا المناخ الأرمني، تجاورت طاولتان تعرضان المونة اللبنانية، إحداهما مخصّصة للبنة والزيتون والباذنجان المخلل وباقي «اللوازم الشتوية»، والثانية مخصصة للعسل الذي يتشارك موريس حبيب وزوجته هويدا بإنتاجه، بينما تبارزت خمس نساء على تحضير طبق كبة بعدس، وسط تجمهر زوّار السوق، ووجود لجنة تحكيم من نساء أرمنيات متذوقات.
أما عند الرابعة من بعد الظهر، فرافق ثلاثة مرشدين، من بينهم المهندسة في بلدية برج حمود آر بي، الزوار، في جولة لشارع أراكس، تخللتها زيارة لمطاعم تبيع الأكل الأرمني وتوابله وحلوياته، ومحال خاصة بمهنة الخياطة، وأعمال يدوية أخرى.
فهذا السوق، كما يشرح مؤسسه كمال مزوّق، هو جزء من مشروع «أكل وعيد» الذي ينظّمه «سوق الطيب» منذ عام 2004، بالتعاون مع مشروع «بناء السلام» لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ويهدف إلى مساندة صغار المنتجين والمزارعين، مضيفاً «كما نشجّع اللبنانيين من خلاله على اكتشاف مناطقهم وتقاليد بعضهم. فهذا السوق يجوب المناطق اللبنانية المختلفة دورياً».