عمر نشّابةآلاف المواطنين يختنقون في سياراتهم. يعبّرون عن غضبهم من الشرطة والدولة والحكومة والرئاسة والوزارة وكلّ ما يمثّل السلطة لأنهم يعتبرونها الآمر الناهي في فتح الطرقات وإغلاقها. «لينزل المسؤولون عالشارع تشوف!» تصرخ سيدة من سيارتها. يتوقّف ولداها عن البكاء من شدّة وقع غضب والدتهما. «وين مفكّرة حالك عايشة يا مدام؟ بالسويد؟» يسألها سائق سيارة أجرة بانفعال. وتتبع ذلك بشتائم لا يمكن نشرها لتجنّب مخالفة قانون المطبوعات. صحيح أن موسم أعياد الميلاد والأضحى ورأس السنة يجذب أعداداً كبيرة من الزوّار إلى لبنان، وصحيح أن عدد السيارات والآليات في بلدنا يتجاوز عدد العائلات، إذ إن عدد السيارات في البيت الواحد يصل أحياناً إلى 5 سيارات يصعب ركنها في المواقف المخصصة لسكان المبنى الذي يسكنون فيه، وصحيح أن النقل العام في لبنان يعاني مشاكل عديدة ولا طرق مخصصة له ولا أولوية تعطى لسيره، وصحيح أن صيانة الطرقات متخلّفة والتخطيط المروري الجدي شبه معدوم، وصحيح أن السائقين والسائقات يخالفون قانون السير وأن أغلب الطرقات تغيب عنها الإشارات المرورية، وصحيح أن ورش بناء الجسور والأنفاق تغلق بعض الطرقات الأساسية، وصحيح أن وزير الداخلية زياد بارود عقد اجتماعات مع ضباط قوى الأمن أمرهم باتخاذ الإجراءات المناسبة للتركيز على تنظيم السير وتسهيل المرور خلال فترة الأعياد ونزل إلى الشارع ليشرف على ذلك بنفسه في بعض المناطق، غير أن المواطنين لاحظوا أمس غياب عناصر وضباط قوى الأمن الداخلي عن العديد من التقاطعات الرئيسية في العاصمة بيروت وفي ساحل المتن وكسروان.
من المسؤول عن عجقة السير؟
لا يفترض حصر المسؤولية بقوى الأمن الداخلي، غير أن ضباطها وعناصرها لم يثبتوا للناس اهتمامهم بما يعانون منه. لم ينزل العمداء والعقداء ولا المقدمون إلى الشارع لتفقّد مظاهر الأزمة الخانقة، بل اكتفى بعضهم بإغلاق نوافذ آليته العسكرية السوداء وإطلاق صفّارات الإنذار لفتح الطريق دون جدوى.