يتوجّه عدد من الطلاب لدراسة اختصاصات جامعية دون أي توجيه مهني ما يجعلهم يصطدمون بصعوبة هذه الاختصاصات فيرسبون
النبطية ـ مريم نسر
لم يكن محمد يعلم أنّ هناك فرقاً بين المدرسة والجامعة، فاختار دراسة الفيزياء في الجامعة اللبنانية في النبطية اعتقاداً منه بسهولة الاختصاص. «كنت أدرس باستهتار في المدرسة وأنجح بسهولة، فأكملت بالأسلوب نفسه في الجامعة، إذ لم أكن أعلم مدى صعوبة كلية العلوم، فرسبت في نهاية العام الأول»، يقول محمد. أعاد محمد السنة الأولى في كلية العلوم ثلاث مرات دون أن يوفّق. فتحوّل إلى دراسة العلوم السياسية وفشل فيها أيضاً. لم يجد محمد ضالّته الدراسية إلا عند دراسته المعلوماتية في أحد المعاهد الخاصة، وهو الآن في عامه الدراسي الثاني.
يمثّل محمد نموذجاً من حالات عدة منتشرة في الجامعات، وتحديداً في الجامعة اللبنانية، ممن يعيدون اختصاصهم أكثر من مرة أو يغيّرونه كل عام بسبب عدم التوجيه المهني في المرحلة الثانوية.
من جهتها، اضطرت زينة إلى التسجّل في كلية الحقوق والعلوم السياسية في الجامعة اللبنانية، في صيدا، بسبب ممانعة والدها دراستها اختصاص السياحة. رسبت زينة في دراستها في السنة الأولى، فاختارت دراسة إدارة الأعمال في أحد المعاهد في مدينتها لعدم قبول والدها بانتقالها إلى بيروت للدراسة. وبعد سنتين في هذا الاختصاص تركته لأنّها لم تستطع التأقلم معه. تدرس زينة اليوم الترجمة، مع أنّها أيضاً غير مقتنعة بهذا الاختصاص، لكنّها تأمل أن يكون مدخلاً لها لإيجاد عمل. أما فاطمة، فعدم الاعتماد على اختصاص معيّن بدأ في سنتها الثانوية الثالثة، التي درست في نصفها الأول «اقتصاد واجتماع» وعلوم الحياة في نصفها الثاني. أما في سنتها الجامعية الأولى، فاختار لها والدها دراسة الحقوق في الجامعة العربية. «بما أنني لم أختر هذا المجال، لم أنجح فيه وضاعت أوّل سنة»، تقول فاطمة. في السنة التالية، درست علوم الحياة في كلية العلوم في الجامعة اللبنانية في الحدث، وكانت النتيجة نفسها، ليختار لها صهرها اختصاص الهندسة المعمارية في الجامعة العربية الذي فشلت فيه أيضاً. عندما جاء دور فاطمة لتختار، درست هندسة الاتصالات، ثم سياحة وسفر في الجامعة الإسلامية وفشلت فيهما أيضاً. واليوم بلغت فاطمة السابعة والعشرين من عمرها ولم تعرف بعد ما ستدرسه.
في المقابل، نجحت ندى بعدما أضاعت سنوات عدة، وهي تكمل الآن اختصاص المعلوماتية في الجامعة العربية. فقد درست المعلوماتية بدايةً في أحد المعاهد في صور، لكنّها توقفت بسبب الشك في شأن الاعتراف بالشهادة، وانتقلت لدراسة اختصاص الكيمياء لكنّها بقيت ترسب لثلاث سنوات قبل أن تعود إلى دراسة المعلوماتية.
ترى مديرة كلية الحقوق والعلوم السياسية في الجامعة اللبنانية في صيدا، الدكتورة هلا العريس، أنّ هؤلاء الطلاب لم يختاروا الاختصاص المناسب الذي يتلاءم مع قدراتهم الذهنية والعلمية، وتشير العريس إلى أنّ مسؤولية عدم خبرة الطلاب في موضوع اختيار اختصاصاتهم الجامعية تعود إلى المدراس التي لم تقُم بإعدادهم من خلال ندوات ومحاضرات مخصصة لتحديد توجّهاتهم الصحيحة، كذلك تلفت العريس إلى أنّ جزءاً من المسؤولية يقع على عاتق الطالب، فإذا كان جديّاً، ستزول عقبات كثيرة من طريقه، وإذا كان مستهتراً، فلن يجد أي اختصاص يناسبه.