بات يوم حقوق الإنسان تقليداً سنوياً في الجامعة الأنطونية، فقد أحيت الجامعة أمس مناسبة مرور ستين عاماً على صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بمعرض وندوة تناولا المادة 21 من الإعلان، التي تنص على «الحق في انتخابات حرة وديموقراطية، والحق في تقلّد الوظائف العامة في البلاد»
فاتن الحاج
يبدو أنّ سفيرة الولايات المتحدة الأميركية في لبنان ميشيل سيسون كانت تنتظر أسئلة من العيار الثقيل يوجّهها طلاب الجامعة الأنطونية، لذا استبقت ما قد يجول في خاطرهم من هواجس وتساؤلات عبر التأكيد بهدوء «أننا منفتحون على انتقادات الآخرين بشأن ممارساتنا في حقوق الإنسان ولا نعدّ ذلك تدخلاً في شؤوننا بل نقداً بنّاءً لها». حرصت السفيرة الأميركية على تكرار الإعراب عن سرورها في اقتناص فرص التفاعل المباشر مع الطلاب والأساتذة اللبنانيين وممثلي منظمات المجتمع المدني، الذين دعتهم بثقة «للعمل معنا في السفارة لأنّ آراءكم تساعدنا على تطوير سياساتنا تجاه لبنان». نفت سيسون أن يكون الهدف الوحيد من حضورها هو الحديث عن المادة 21 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان المتعلقة بالحق في الانتخابات. وجزمت بأنّها أتت لتصغي إلى الشباب وتنقل تطلعاتهم إلى صانعي السياسات وفق الأجندة اللبنانية لا الأميركية، «لأنني أعلم أنكم تؤمنون بحقكم بدولة ديموقراطية وحرة وسيدة». لكنها لم تتوان عن إطلاعهم على ما سمته الآليات الأميركية في «مناصرة الإدارة الرشيدة وتعزيز الديموقراطية وتمكين المرأة ومساعدة الجسم العسكري وتطوير قدرات المجتمع المدني وتحقيق المساواة بين مختلف الطوائف، وتقديم المشورة القانونية المجانية». ثم توقفت السفيرة عند الدور الأميركي في الانتخابات اللبنانية فأعلنت «أننا نعمل مع ثلاث منظمات محلية شريكة لدعم العملية في الربيع المقبل». وأشارت إلى «أننا نبذل جهوداً للمشاركة في مراقبة الانتخابات كما حدث في عام 2005». وشرحت أننا نسعى إلى تثقيف الناخب وتعزيز حملات المناصرة عبر إعداد الكتيّبات والأدلة. وخلصت إلى أنّ «هدفنا هو دعم الجهود اللبنانية لتعزيز الشفافية والمساءلة لإصلاح النظام الانتخابي».
كان لافتاً إصرار مسؤولة العلاقات العامة في السفارة الأميركية الدكتورة شيري لينزين، التي أدارت ندوة الجامعة على أن يكون الطلاب خاصّةً مصدر الأسئلة، فقالت: «أعطيكم فرصة لذا يجب ألّا تشعروا بالخجل». أعربت لينزين عن سرورها بسماع أسئلة من نوع «لماذا تتلاعب أميركا بالدول الضعيفة فتشتريها وتبيعها هدية لدول أخرى لحماية إسرائيل؟ وكيف يمكن الرئيس الأميركي والسفيرة أن يلتقيا أشخاصاً لبنانيين مسؤولين عن مجازر مروعة في الحرب الأهلية؟ وما هو موقف أميركا من الإرهاب في أفغانستان ودعم الدولة الإسرائيلية في انتهاك حقوق الإنسان في فلسطين، وهل مكافحة الإرهاب يكون بالإرهاب». أما سيسون، فعلّقت: «هناك تدابير تتخذ بحق من يثبت أنّهم متورطون بالجريمة فيحالون على أجهزة مختصة لمعاقبتهم، وإن كان ذلك لا يعني أنّه ليس هناك شوائب وثغر على الأرض». ولعل «الأهم» ما اختتمت به سيسون الندوة متوجهة إلى الطلاب: «نؤمن بلبنان ونرغب في دعم مستقبلكم».
وشارك في الندوة النائب إبراهيم كنعان، فرأى أن «العدالة ليست فكرة هيولانية بل هي مجموعة قيم ومبادئ وأسس عملية تترجم بالقوانين». من جهته، أكد مسؤول صفحة «قضايا النهار» في جريدة النهار جهاد الزين أن وصول أول رئيس أسود إلى البيت الأبيض سيعزّز ديناميات التسوية في الشرق الأوسط. ودعا إلى أن تتحول الانتخابات اللبنانية إلى قوة تقدم لا إلى قوة تراجع. وأوضح رئيس الجامعة الأب أنطوان راجح أنّ اللقاء السنوي بشأن حقوق الإنسان هو فعل محاسبة للمسؤولين عن حجز هذه الحقوق عن النطق بعربية سليمة، والإقامة على أرض الواقع اللبناني».


جمعيات بديلاً عن الأحزاب السياسية

في الملعب المقفل مقابل قاعة كلية الهندسة، عرضت 11 جمعية غير حكومية معنية بقضايا حقوق الإنسان منشوراتها لإطلاع الطلاب على مشاريعها في مجال التطوير الديموقراطي، وتعزيز المساءلة والشفافية ودعم القيادات الشبابية لمحاربة الفساد. وأقبل الطلاب على ستاندات الجمعيات بشغف معربين عن إيمانهم بأنّ مثل هذه الجمعيات قد تمثّل بديلاً للأحزاب السياسية، على حد تعبيرهم. وعلّقت إدارة الجامعة ملصقات تحث فيها الطلاب على معرفة فحوى المادة 21 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان «من حقي أن أنتخب في جو حر وديموقراطي، من حقي أن أنتخب من أريد ولأني أريده، من حقي أن أعرف أكثر عن حقوقي، من حقي أن أقول من حقي، من حقي أن أتمتع بما تقرر عام 1948، وأن أحظى بوظيفة عامة في بلدي».