سناء الخوريما هذا الطبق الذي لا يفسد، ما هؤلاء البشر الذين لا يزالون يتناولونه وهم يضحكون. تعرف المواطنة الكثيرين ممن يمنعهم حاجز الطائفة من الارتباط. تسمع قصصهم، وتعرف أكثر من صديق وصديقة وقف الأهل في وجه علاقتهم بحجة كلام الناس وسواد الوجوه وما يصير وما لا يصير والحلال والحرام والمناسب للعائلة وغير المناسب للعائلة والمقبول من المجتمع وغير المقبول من المجتمع.
أمر مضجر. مسألة عفنة. تسأل نفسها إن كانت العائلة والمجتمع يعرفان الجهد الذي يبذله أي حبيبين في هذا الزمن، في هذا البلد، ليصلا إلى مرحلة يقولان فيها لأنفسهما: «نريد أن نرتبط» قبل أن يقولاها للناس. أي قانون منطقي يقول إنّ من يتزوّج امرأة يتزوّج عائلتها وقريتها وأولاد عمومة جدّها أيضاً؟ أي شرعة تقول إنّ من أحبت شاباً من غير دينها يجب أن تخيّر صبح مساء بين أهلها وحبيبها؟ ما هذا الخيار العجيب؟ هم أهلها وهو حبيبها. أين عنصر الخيار في هذه الجملة؟ المشكلة أنّ معظم المعترضين ليسوا من ذوي التقوى، بل من حملة الشهادات في التفنيص ومن فصيلة متحاشي «الفضيحة».
لم تفهم المواطنة بعد لماذا يقلق الأهل على دين أحفادهم قبل أن يولدوا. «على دين من سيربى الأولاد؟» ما هذا السؤال؟! لم تفهم المواطنة بعد سبب الشماتة الزائدة إذا فشلت العلاقة «المختلطة». هل يثبت ذلك أنّ العلة في اختلاف الدين؟ أليست كل علاقة معرّضة للخلافات والمشاكل المادية والتقلّبات النفسية وغيرها؟ ما الفرق الذي يحدثه اختلاف المذهب؟ كلّها أسئلة تضجر منها المواطنة، وتخجل لأنها لا تزال راهنة.
أما ما يحزنها، فهي الأيام الجميلة التي يخسرها من كانت علاقتهما تملك حظوظاً جديّة للنجاح.