اختتم المكتب الإقليمي لليونسكو واللجنة الوطنية لليونسكو ورشة عمل تدريبية لـ30 أستاذاً على التربية الإعلامية في المدارس
فاتن الحاج
يضع رفع وعي الشباب على دور الإعلام، المعلمين اليوم، أمام «شاقوفين»: الخوف من أن يؤدي تحليل المادة الإعلامية إلى حزازات بين الطلاب نتيجة الاستقطاب السياسي والطائفي من جهة، وأهمية إدخال أدوات التحليل كي يحمي الطلاب أنفسهم من الأداء الإعلامي السائد من جهة ثانية. ثم إنّ ترسيخ مبادئ التربية الإعلامية في المدارس يبقى رهن المبادرات الفردية واقتناع الإدارات والأساتذة بتخصيص حصص دراسية لمادة غير ملحوظة في المنهاج التربوي. هذا ما كشفته مداخلات المشاركين في ورشة العمل التدريبية التي نظمتها اليونسكو، على مدى يومين، للأساتذة المنتمين إلى المدارس المنتسبة إلى المنظمة.
لكن ذلك لا يمنع المعلمين، حسب الأستاذة في كلية الإعلام والتوثيق والمدرّبة في الورشة الدكتورة حسانة رشيد، من إعداد الطلاب لتبني الحس النقدي وتصويب استخدام الوسائل الإعلامية بعيداً عن الفرض لا الرفض. من هنا أعدت اليونسكو، كما قال المسؤول الإعلامي جورج عواد، دليلاً للتربية الإعلامية يتضمن كيفية إعداد الطلاب لتحليل المادة وإنتاجها وإن بمهارات تقنية أقل. ويحتوي الدليل على مفاهيم ومنهجية وأفكار عملية مكيّفة مع الواقع اللبناني.
تشرح رشيد للمتدربين أنّ معرفة الطالب مفاهيم التحليل الأربعة: اللغة (الرموز ـــ المصطلحات...)، الإنتاج، التفسيرات، والجمهور، تجعل تأثير المادة الإعلامية مختلفاً. من جهته، يؤكد المدرّب الإعلامي مارلن ديك أنّ المطلوب من الأستاذ ليس إيصال الرسالة للطالب بل تقديم أسلحة التحليل، مشيراً إلى «أننا نسعى في الورشة إلى الحديث عن الإعلام بمعناه الواسع، مثل التلفزيون والإنترنت والتشات والفايسبوك وغيرها من الوسائل التي يتعرض لها الشباب يومياً».
ونالت المسلسلات التركية كظاهرة اجتماعية إعلامية حيزاً من النقاش في الورشة، فبدت الأسئلة التي اقترح المعلمون طرحها على الطلاب كتمرين عملي لمعرفة مدى تأثير هذه الظاهرة عليهم، نابعة من تعليقات طلابهم. ومن الأسئلة: «هل يبعدك الجمال الخارجي للأبطال عن القيم الأخلاقية؟ هل شجعك المسلسل على زيارة تركيا؟ هل تشاهد المسلسل بانتظام وهل يعكس هذا الأخير حالة المجتمع التركي؟ ما هي أوجه الشبه والاختلاف بين المجتمعين التركي واللبناني؟ هل تعتقد أنّ كل ما تشاهده حقيقي أم من نسج الخيال؟... هنا اقترحت رشيد إشراك الطلاب في تحقيق ميداني هو عبارة عن استمارة لمعرفة الأثر الإيجابي والسلبي للمسلسل وما إذا كانت الصورة التي عكسها عن المجتمع التركي منطقية أم لا؟
ثم ذكرت رشيد أنّ آخر إحصائية تشير إلى أنّ 43% من المجتمعات في عدد كبير من الدول تستهلك موقع «الفايسبوك»، ويأتي لبنان في طليعة هذه المجتمعات. وفي هذا التمرين، سأل المعلمون: كيف يمكن توجيه الطلاب لاستخدام الموقع بطريقة مفيدة؟ فكانت اقتراحات بإجراء مقابلات مع شخص معروف يعجبهم أو فتح النقاش حول كتاب معين. وأكد ديك، في هذا الإطار، أهمية تشجيع الطلاب عبر إعطائهم أمثلة من الحياة مثل تشبيه «الفايسبوك» بقهوة كبيرة لها أوجه عدة للاستخدام، شرط أن يتقبل الطلاب هذا السلوك.
وفي اليوم الثاني، عمد المشاركون إلى تحليل حلقة من برنامج «بس مات وطن» كانوا قد شاهدوها مساء الخميس، فأثير التوازن بين مدة البرنامج ومدة الإعلانات المرافقة وما إذا كانت تستهدف كل الفئات العمرية أم لا، وكيف يمكن تعريف الطالب بنوع الكوميديا الذي استخدم في «الاسكتش» وما الهدف من تصوير هذه الشخصية على هذا النحو، إضافة إلى الخط السياسي للبرنامج وما إذا كان يطال كل الجهات أم لا. أما التمرين العملي الذي يمكن أن ينفذ في هذا المجال فهو أن يطّلع الطلاب على مقالات النقد التي تُكتب عن البرنامج ويقارن بينها. وتدرّب المعلمون أيضاً كيف يمرّنون طلابهم على قراءة الإعلان والصور الإعلامية لمعرفة ما هي الرسالة الأساسية من المنتج وهوية الوسيلة الإعلامية.