كيف انتشر دواء clenbuterol بشكل مذهل بين الفتيان والفتيات اللبنانيين؟ من روّج له كمنحف سريع التأثير؟ من يحمي المافيا التي تبيعه بطرق غير مشروعة؟ ولماذا لا يُضاء على تأثيراته الجانبية الخطيرة... حيث يستخدم في الولايات المتحدة للحيوانات فقط
غادة دندش
تنشط في لبنان سوق سوداء لبيع دواء clenbuterol كدواء منحف، عمليات البيع غير الشرعية تحصل بالطبع خارج الصيدليات والمراكز الصحية، أينما اتجهت في أية بقعة من الأرض اللبنانية فستجد دائماً من هو قادر ومستعد لتأمينه لك، وتتراوح أسعار المبيع بين منطقة وأخرى. والأسوأ أن بائعيه ومشتريه لا يدركون معنى الجملة الروسية المكتوبة عليه «لا يُباع إلاّ بناءً على وصفة من الطبيب».
كان الـ clenbuterol معتمداً في بعض الدول، رسمياً وبعيارات مدروسة لعلاج الربو والمشاكل التنفسية، ولكنه ينتشر بين أيدي الشبان والفتيات حالياً في حلّة جديدة تجعله أقرب إلى السمّ الزعاف، اسمه الرائج فهو «دواء التنحيف المعجزة»، وهو يحتوي على مادة كيميائية تنتمي إلى مجموعة beta-2- symphatomimetic، وهي تؤثر عبر الجهاز العصبي الودي على مجموعة العضلات الملساء التي تتحرّك لا إرادياً وتكون في مناطق وأعضاء كثيرة من الجسم. يحصل هذا التأثير بطرق مختلفة عبر المتلقّيات التي تُعرف باسم adrenoceptors. هناك تسعة أنواع مختلفة من هذه المتلقيات في جسم الإنسان، وتنقسم إلى نوعين أساسيين هما ألفا وبيتا. وتبعاً لحساسية هذه المتلقيات أو تفاعلها مع عائلة الكلينبوتيرول، تُستخدم هذه الأخيرة في علاجات مختلفة كعلاج الربو وبعض أمراض القلب والشرايين وغيرها.
يملك الكلينبوتيرول ميزة أو علّة تجعله الآن محطّ أنظار بعض الرياضيين، المغرّمين من لجنة الألعاب الأولمبية وغيرها لاستخدامهم هذه المادة، والنجوم والنجمات في هوليوود والعالم. كما تجعله مصدر خطر على صحة الفتيان والفتيات المهووسين بحرق الدهون السريع وتكبير حجم العضلات المفتعل. إن تأثيرات عائلة الكلينبوتيرول كثيرة ومتنوعة، لكن من الممكن حصر معظمها ضمن 7 مجموعات. فهي تثير بعض العضلات الملساء كتلك التي في الأوعية الدموية التي تغذّي الجلد والكلى والأغشية المخاطية، وتثير أيضاً بعض الغدد كغدد اللعاب والعرق، وتحبط بعض العضلات الملساء الأخرى كتلك التي في شعيرات الرئة والأوعية الدموية التي تغذّي عضلات الهيكل العظمي، كما أن هذه المواد تثير عضلة القلب فترفع نسبة دقّاته وقوة اختلاج عضلته. وهي ترفع نسبة استخدام السكّريات في الكبد والعضلات، وتسهّل تحرير الدهون من الأنسجة الدهنية، أضف إلى ذلك تأثيرها الهرموني، حيث تكيّف عملية إفراز الأنسولين وغيره من الهرمونات. ولا ننسى تأثير المنشّط على الجهاز التنفسي وتنبيه الطاقة العقلية والحركة الجسدية بشكل مفرط، كما أنها تعمل كمحبط للشهية.
الكلينبوتيرول مادة شديدة التأثير، يدوم مفعول جرعتها نحو 34 ساعة في الجسم، وفي جميع البلدان، التي تعتمدها رسمياً في علاج الربو وبعض مشاكل الجهاز التنفسي، يُمنع بيع هذه المادة إلّا بوصفة من الطبيب المختص. ولهذه المادة مجموعة كبيرة من التأثيرات الجانبية على من يتناولها، كالتوتر الدائم والرجفان واهتزاز أصابع اليد غير المضبوط وآلام الرأس وازدياد التعرّق والأرق والتقلصات العضلية المؤلمة والغثيان وارتفاع ضغط الدم في بعض الحالات. وبسبب قوة تأثيره يُستخدم هذا الدواء في علاج بعض الأمراض التنفسية لدى الأحصنة، وهو معتمد رسمياً في الكثير من البلدان من جانب أطباء البيطرة. أما في الولايات المتحدة فيُمنع استخدام البشر لهذا الدواء، وهو معتمد فقط في علاج الحيوانات التي لا يمكن تناول لحمها، فمن الممكن أن ينتقل عبر اللحم نوع من التسمم.
أما الحصول عليه من مهووسي النحافة في هوليوود وغيرها فيكون بطريقة غير شرعية، كما هي الحال في لبنان، إذ يُحصل عليه من مصادر غير شرعية ومجهولة من جانب وزارة الصّحة، ويصل إلى أيدي فتية وفتيات لا يفقهون أن حبة الدواء الصغيرة هذه التي تحرق دهونهم بسرعة مذهلة، ولكنها في المقابل تؤثر على عضلة القلب، والأوعية الدموية، وتعبث بالجهاز العصبي وبعض الهرمونات، وتسبب حبة «التنحيف» هذه مخاطر ارتفاع الضغط وإنهاك الكلى والكبد وغيرها من الحالات المتعلّقة بالأيض، وهنا نذكّر بأن الأيض له التأثير الأكبر على النمو في مراحل محددة، وعلى صحة أعضائنا الداخلية في جميع مراحل حياتنا.
أخيراً يجدر التشديد أنه لم يُوافق أي بلد في العالم على استخدام الـ clenbuterol كمنّحف، فالدراسات والتجارب المخبرية لم توضّح كفايةً كيف تجري بالتحديد آلية عمله على الدهون ورفع حرارة الجسم وتكبير الخلية العضلية وغيرها. إن هذا الدواء لم يعد مرغوباً به في الأوساط العلمية كعلاج لحالات الربو بسبب كثرة تأثيراته الجانبية، رغم المتابعة الدقيقة للكمّية المستخدمة يومياً في علاج هذه الحالات المزمنة.