خالد صاغيةفي الفصل السابق على السابع من أيّار من تاريخ الصراع اللبناني الدائر بين فريقي 8 و14 آذار، كان الفريق الأكثر أذيةً من الكلام الطائفي هو حزب الله. ليس لأنّه أقلّ طائفية من سائر القوى، ولا لأنّ سائر القوى أكثر طائفية منه، بل لأنّ مصلحته السياسيّة كانت تقضي آنذاك باتّخاذ موقف حريص على منع الفتنة في البلاد، وخصوصاً الفتنة الشيعيّة ـــــ السنّية. فأيّ فتنة كهذه تنهي مشروع الحزب كمقاومة، وتسقط أي ذريعة لاحتفاظ الحزب بسلاحه.
وقد عرف الطرف المناوئ كيف يستغلّ نقطة «الضعف» هذه. فكان أحمد فتفت، كلّما ضاقت به الدنيا، يشهر سلاح الفتنة ليهدّد حزب الله به. والواقع أنّ الأمين العام لحزب اللّه كان صريحاً في مؤتمره الصحافي الذي عقده بعد صدور القرارين الحكوميّين الشهيرين، حين لمّح إلى أنّ موضوع الفتنة بات وراءه بفضل الأطراف السنّية التي بقيت وفيّة لمواقفها من إسرائيل ومن المشروع الأميركي، فوقفت إلى جانب المقاومة.
مهما يكن رأي المرء بالانقسام الذي كان قائماً آنذاك، بدا واضحاً أنّ جماعة 8 آذار كانت حريصة على التشديد على أنّ الانقسام في البلاد هو انقسام سياسي، فيما كان الخطاب العلنيّ الآخر يهدّد بالفتنة، ناهيك بالكلام العنصريّ الذي ظلّ يصدر منذ 14 آذار 2005 تجاه الطائفة الشيعيّة.
انتهت هذه المرحلة مع اتفاق الدوحة. واقتنع الجميع بضرورة تهدئة الأجواء، وبردت حدّة الكلام الطائفي. وها نحن نقترب الآن من انتخابات نيابية قُسِّمت دوائرها في الدوحة بشكل جعل المعركة المقبلة محصورةً في الدوائر الانتخابية المسيحية.
على حزب اللّه وحليفه التيار الوطني الحر أن يختارا طريقة خوض هذه الانتخابات، وما إذا كان التحريض الطائفي هو الخطاب الذي سيعتمدانه. طبعاً، سيبقى آل الجميّل بالمرصاد للمزايدة الطائفيّة من الجهة الأخرى، لكنّ ما نراه اليوم لا يبشّر بالكثير من الخير. ففي مقابل سلاح المال السياسي الذي يتقن تيار المستقبل كيف يستخدمه، لا ينبغي استسهال رفع حدّة الخطاب الطائفي. فإذا كان الخيار بين الرشوة والتحريض، تبقى الرشوة أقلّ ضرراً بما لا يقاس.