حسيب قيلوحنداء استغاثة لمَن يملكون قرار الربط والحل:
كما يقول الإمام علي بن أبي طالب: «ما جاع فقير إلا بما مُتِّعَ به غني». وهذا الكلام يعكس الواقع الأليم الذي يعيشه المستأجرون في لبنان، بين قانونين أحدهما صادر عام 1992 والآخر قيد الدرس لدى مجلس النواب، ويُعدّ قانوناً تهجيرياً لمَن بقي من المستأجرين، وإلى أين؟ لا أحد يعلم. لقد ورثنا مفاعيل هذا القانون عن أجدادنا، فكان لنا حق الاستئجار منذ عام 1920، إلى أن بدأت معاناتنا بعد إلزامنا دفع «خلو» للمأجور، وغالباً ما كان الثمن باهظاً. كما أن قلّة من فئة المستأجرين لم تلجأ إلى الاستدانة من المصرف، أو باعت قطعة أرض أو منزلاً تملكه في الريف لتستأجر منزلاً أو متجراً صغيراً في العاصمة، وهي دفعت ثمن ذلك من جهدها وتعبها وكفاحها، في سبيل الحفاظ على جنى العمر أي عقد الإيجار، الذي بات صمام الأمان الاجتماعي بالنسبة إليها.
وقد نتج من هذا الوضع: مئات من المستأجرين يتجانسون ويتآلفون رفقة عمر، رغم توزعهم الطائفي والمذهبي والمناطقي. وهذا يعني أن قانون الإيجارات المرعب سيفرز حتماً المستأجرين ليخلق واقعاً مذهبياً وطائفياً. هل هذا ما يريده المسؤولون في بلادنا؟ ألا يعرفون أن دول العالم تختلق حالات اجتماعية وتعمد إلى تذليل كل المعوّقات من أمامها لتنتج مجتمعاً متجانساً قدر الإمكان؟
نحن اليوم في أمسّ الحاجة إلى كل أبنائنا. فلا تدعوهم يهاجروا أو يهجّروا داخل الوطن، بعدما صمدوا طوال أعوام الحرب، علماً بأنهم لو هاجروا في تلك الفترة لكانوا اليوم بين أغنياء العالم.
لا بد من التفاتة إلى المستأجر الذي يدفع فاتورته ثلاث مرات، مرة عن خسارته 16 عاماً من الحرب، ومرة عن خسارته مسكنه ومتجره، وثالثة عن خسارته صحته نتيجة المعاناة والقهر. هل يحاكم المستأجر لأنه آمن بوطن عادل يعامل مواطنيه سواسية تجاه الحقوق والواجبات؟ وإذا أراد مسؤولونا تحرير عقود الإيجارات، فعليهم أولاً تأمين الهجرة لنا، نحن المستأجرين، لأنه مهما قست الظروف فلن نرضى بفرز طائفي تحت اسم القانون!