تحل الذكرى الخامسة لكارثة تحطم طائرة كوتونو التي ذهب ضحيتها 102 قتيل، بينهم 87 لبنانياً. وحتى اليوم لا تزال 7 جثث لبنانية مفقودة يشك بأنها دفنت في بنغلادش، كما أن التحقيقات لم تنته، والحكم لم يصدر بإدانة المتهمين بالتسبب بالكارثة، ولو أن جلسة للمرافعة حددت في 14 كانون الثاني. اليوم تعقد لجنة أهالي ضحايا كوتونو مؤتمراً صحافياً عند الظهر في نقابة الصحافة للمناسبة
ضحى شمس
في الخامس والعشرين من الشهر الجاري، تتم كارثة طائرة كوتونو عامها الخامس، من دون أن تحل ثلاث نقاط أساسية في هذه القضية التي شغلت الرأي العام اللبناني منذ عام 2003 إثر تحطمها في عاصمة دولة بنين الأفريقية. النقطة الأولى: توقف مساعي الدولة اللبنانية للبحث عن 7 جثث لا تزال مفقودة، وقد تكون مدفونة في بنغلادش، بسبب خطأ في تحديد هوياتها، عوضاً عن جثث جنود تابعين لقوة طوارئ دولية تابعة للأمم المتحدة في أفريقيا. هؤلاء الضحايا هم خليل جفال، حسين ترمس، رباح حلواني، علي الحاج علي، علي هاشم الطويل والطفل عباس حجازي. النقطة الثانية: بعد 13 جلسة في الدعوى المرفوعة من الأهالي أمام محكمة الجنايات، لم يصدر بعد أي حكم في هذه القضية المفروغ تقريباً من تحديد المتسببين بها، حيث يتضافر الفساد المحلي والدولي مع الإهمال واحتقار الحياة الإنسانية لإنتاج ظروف كان من المستحيل ألا تقع فيها كارثة كالتي حصلت. النقطة الثالثة: التعويضات. ففيما رضي بعض أهالي الضحايا بتلقي «مساعدات» من «صندوق إنساني»، وهو الاسم الآخر للتعويضات التي دفعتها شركة التأمين للحؤول دون تغريمها مبالغ أكبر لو ثبت أن الطائرة سقطت بسبب عطل تشغيلي، وأنها برغم ذلك أمّنتها، فإن كثيرين غيرهم، رفضوا أن يقبضوا قرشاً واحداً قبل حصولهم أولاً على جثث أولادهم وثانياً على حقوقهم الأخرى المعنوية، وخاصة تلك المتمثلة بحكم قضائي ينصفهم من المتسببين بهذه الجريمة الفضيحة. ويقول النائب السابق حسن علوية، رئيس جمعية «أهالي ضحايا كوتونو» لـ«الأخبار» التي استوضحته مصير النقاط الثلاث عشية الذكرى، إن «الدولة اللبنانية أوقفت مساعيها في ما يتعلق بالتفاوض مع البنغلادشيين لجهة الحصول على حمض نووي من الجثث المشكوك بأنها استبدلت التي دفنت في بنغلادش». ويرى علوية أن طبيعة السنوات الثلاث الأخيرة التي خضّت لبنان والمنطقة بأحداثها السياسية علّقت الاهتمام بالقضية، حيث إن الدولة لم تحرّك ساكناً للعثور على الجثث السبع. وقال «تحجّجت بنغلادش بأنه لا يمكنهم كمسلمين أن ينبشوا الجثث المشكوك بأنها عائدة لأولادنا لأخذ عينة للحمض نووي منها، فاقترحنا أن نأخذ عينة من أهلهم أو لنقل ممن يظنون أنهم أهلهم، ونقارنها بالحمض النووي الذي أخذناه من الجثث المتروكة في مشرحة كوتونو التي نظن أنها هي العائدة لبنغلادشيين. لكنهم لم يقبلوا لأسباب لا نعلمها، والدولة اللبنانية لم تمارس أية ضغوط لا عبر وزارة الخارجية ولا عبر أي قناة أخرى أو تتابع مفاوضات كانت قد بدأتها معهم».
أما بالنسبة للدعوى المرفوعة في المحاكم فيقول علوية: «لا تزال عالقة. وبعدما حضرنا 13 جلسة على مدى السنوات الماضية، أخيراً، حددت القاضية هيلانة اسكندر رئيسة محكمة الجنايات، التي حلّت مكان القاضي المتقاعد ميشال أبو عرّاج، موعداً لجلسة المرافعة التي ستكون في 14 كانون الثاني 2009، وذلك بعد أن تكون قد استجوبت المدير العام للطيران المدني حمدي شوق». ونوه علوية بالرئيسة اسكندر التي أجرت منذ توليها القضية التحقيقات مع الشهود ولم تماطل. لكن، ماذا عن درويش الخازم، المدير العام الـUTA المشغلة للطائرة التي سقطت، الذي أثبتت التحقيقات حتى الآن أنه كان المسؤول عن الوزن الزائد على متن الطائرة، وأنه أخفى عن قبطان الطائرة زيادة الوزن، إضافة إلى إهماله صيانتها وما هو متهم به لجهة تزويره كشفاً يسمح بتأمين الطائرة المتهالكة الخ..؟ يتنهد علوية الذي فقد ابنه لقمان في الحادثة ويقول «هو بحكم المتواري عن الأنظار بعدما هُرّب من لبنان، لكننا نعلم أين هو. وهو لم يقف أمام المحكمة ولا مرة، بل حضر عنه والده. أما الدولة اللبنانية فلم تطلب استرداده هو أو أخوه محمد. لماذا؟ لا أعلم. لماذا هناك طلب استرداد لرنا قليلات (المتورطة والمحكومة في فضيحة بنك المدينة) الموجودة في البرازيل ولم يطلب استرداد الأخوين خازم؟ ألأنهم محميون؟». ثم يلتفت متناولاً قائمة بأسماء ضحايا الطائرة «هل تتصورين أنه لا يزال هو وأخوه محمد خازم، يسرحون ويمرحون في غينيا بعد تورطهم في التسبب بمقتل 102 شخص بينهم 87 لبنانياً؟ لا بل سأقول لك أكثر من ذلك: إنه لا يزال يعمل في المجال ذاته، أي الطيران واستئجار الطائرات والسفريات. أما كيف ذلك فلا أفهم». نسأل الرجل عن أهالي بقية الضحايا، فيقول: «خليها لألله، إنها مأساة مستمرة. لم تتوقف الكارثة على مقتل كل هؤلاء. فعدم حصول بعض الأهالي على جثث أبنائهم، إضافة لعدم حصولهم على العدالة وقصاص المجرمين، لا بل معرفتهم بأن هؤلاء يستأنفون حياتهم من دون أي قصاص، أودت بحياة والدتين غماً: والدة حسين ترمس توفيت قهرا وكذلك والدة خليل جفال. والاثنان لم يعثر على جثثهما بعد».
واليوم؟ ما الذي يبغيه أهالي ضحايا كارثة طائرة كوتونو؟ يقول: «في مؤتمرنا الصحافي غداً (اليوم) سنطالب الدولة اللبنانية بإيقاف هذه المأساة، عبر متابعة البحث عن جثث أولادنا. ومتابعة التفاوض مع بنغلادش لإجراء فحوصات الحمض النووي. ولا شك بأن الأمم المتحدة التي يتبع لها الجنود البنغلادشيون القتلى لها وسائلها لو أرادت التعاون، وعليها أن تتعاون. وخصوصاً أنها اليوم تحتفل بالذكرى الستين لإقرار حقوق الإنسان، فالأجدر بها أن توقف مأساة مفقودي كوتونو. هناك أيتام يكبرون ويريدون قبراً لأبيهم يزورونه، أهذا كثير؟ أما المجرمون؟ فنحن واثقون بأن القضاء سيقتص منهم وعندها سيطالب ربما باستردادهم».