مع تقدّم التحقيقات في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري، يزداد شح المعلومات التي يقدمها رئيس لجنة التحقيق الدولية القاضي دانيال بلمار. يوم أمس، قدّم أجوبة عن بعض المسائل: لا أعلم متى ستنتهي التحقيقات لتبدأ المحاكمة، ولا أجزم بما إذا كان الموقوفون سيبقون رهن التوقيف أم لا
نيويورك ــــ نزار عبود
أكد رئيس لجنة التحقيق الدولية القاضي، دانيال بلمار، لأعضاء مجلس الأمن الدولي أمس أنه «متفائل بحذر» بأن قضية اغتيال الحريري، رغم تعقيداتها وصعوبتها، «يمكن النجاح فيها». وأضاف إن العملية طويلة، و«ليس هناك جريمة مثالية (كاملة). وهذه العملية التي أتولّاها تعزز هذا الاعتقاد. لا أحد يستطيع أن يعطي ضمانات ويجب ألّا يعطيها أحد»، لكنه ختم بأنه لم يعد من التقاعد ليتولّى مهنة فاشلة.
بلمار قال خلال تقديمه تقريره الأخير إلى أعضاء مجلس الأمن، إن لجنة التحقيق «تقدم معلومات إلى السلطات القضائية اللبنانية، لكن سلطة القضاء اللبناني مطلقة. وإذا جرى نقل الموقوفين إلى لاهاي، فسيكونون في وضع يمكّنهم من طلب حل قبل المحكمة».
وقال رئيس اللجنة إنه أحرز تقدماً في التحقيق بعد الكشف أن «شبكة من الأشخاص عملت بتنسيق لتنفيذ الاغتيال. ومن بعدها حددت لجنة التحقيق معلومات جديدة يمكن أن تؤدي إلى رابط إضافي بين الأفراد يتصل بالشبكة». كذلك حدث تقدم في تحديد الأصل الجغرافي للمفجر الانتحاري. وبالنسبة إلى الهجمات الأخرى، طرأ تطوّران رئيسيان، حيث «عثرت اللجنة على عناصر إضافية تربط الصلات التي جرى تحديدها بين اغتيال الحريري وعدد من الهجمات الأخرى. والتطور الثاني هو أن اللجنة اكتشفت صلة إضافية بين إحدى الجرائم وقضية الحريري». ورفض بلمار الإفصاح عن طبيعة الاكتشافات الجديدة حرصاً على سلامة التحقيق والأرواح. وأضاف، «عندما أكون مستعداً سأضع مطالعتي أمام قاضٍ (ما قبل المحاكمة) سيقرر إن كان لديّ قرائن كافية لكي أقدم قراراتي الظنية».
لكنه رفض توقّع متى سيفرغ من انتهاء التحقيق. «لا أستطيع أن أتوقع متى سيتقدم الأشخاص الذين يعرفون المزيد من المعلومات أو الذين يعرفون ما حدث». وأشار إلى أن المرحلة الانتقالية ستسمح بنقل الموظفين والوثائق إلى مقر المحكمة في لاهاي، في وقت يستمر فيه التحقيق في مقر اللجنة في بيروت. وطالب بتمديد عمل لجنة التحقيق حتى نهاية شباط 2009.
بلمار ركّز على أن ثقة الجمهور بالعدالة تحتل أولوية. وأكد على ضرورة أن يشعر الناس بمهنية التحقيق والمحكمة، وبأنها غير مسيسة «رغم أن الجريمة سياسية»، ورغم أنه يدرك أن المحاكمات «ستكون لها مضاعفات سياسية في لبنان». لذلك يرى أنه لا يجوز سلق التحقيق ووضع مواعيد ثابتة لبدء عمل المحكمة. وقال إن الغموض الذي يكتنف موعد بدء المحكمة ناجم عن المصطلحات. فـ«المحكمة لا تعني بدء المحاكمة». وبالتالي فإن المحاكمات «لن تبدأ بعيد مطلع آذار المقبل كما يعتقد البعض».
وأضاف إنه عندما يصبح مدعّياً عامّاً فهذا لا يعني أنه سيتوقف عن متابعة التحقيق. «هذه طبيعة الإجراءات. التحقيق يستمر».
وبعد تقديم مطالعته، انتقل المجلس إلى جلسة مغلقة للتشاور قبل إصدار قرار التمديد. وأعرب مندوب الولايات المتحدة عن أمله في أن يقر الكونغرس زيادة في التمويل بمقدار 6 ملايين دولار، قائلاً إن مشروع المحكمة دفع اللبنانيين إلى نبذ العنف والتدخل الأجنبي.
المندوب الروسي تمنى أن يجري التركيز على القضايا ذات الصلة باغتيال الحريري فقط، والتخلي عن متابعة القضايا التي ليس لها علاقة بها. ودعت إندونيسيا إلى الحرص على استبعاد التسييس. وبعدها أصدر المجلس القرار 1852 بالتمديد لبلمار لمدة شهرين.
وفي مؤتمر صحافي عقده في نيويورك أمس، أوضح بلمار أن النظام يقول إن المحكمة عليها خلال شهرين طلب نقل الملفات من الحكومة اللبنانية. وستُنقل الوثائق والأشخاص السبعة المعتقلون إلى لاهاي إذا بقوا رهن التوقيف. وعن اتصالاته بالمدعي العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا وما حكي عن رأي قدمه إليه، رد بلمار على سؤال لـ«الأخبار»: «لا أريد أن أفصح عما قلت له وعما لم أقله للمدعي العام. وإذا حول إليّ الملف مع الموقوفين، افتراضاً بأنهم سيبقون رهن التوقيف، فإن المحكمة تقرر إذا كانوا سيبقون رهن التوقيف أو يجري الإفراج عنهم بكفالة. لكن نقلهم لا يعني أن الادعاء عليهم يصبح حتمياً في لاهاي». ونفى بلمار أن يكون قد أجرى أي مقابلة أو اتصال بالشاهد محمد زهير الصدّيق أو برنى قليلات. وأضاف إن التحقيق بمصادر تمويل العملية سيكون الخطوة اللاحقة.
وأضاف بلمار إنه في مطلع آذار «سأكون في لاهاي مع فريق عملي. سيكون لدي فريق عمل صغير في بيروت من أجل تنسيق المقابلات وغيرها من الأمور اللوجستية. لكن التحقيق سيجري في لاهاي من خلال المدعي العام. وحالما أعلم أنني في وضع يمكّنني من توجيه القرار الظني سأفعل».


لا أحد يأمر القضاء

نفى بلمار أن يكون قد قدّم توصية إلى القاضي سعيد ميرزا بشأن الضباط الأربعة، بل إنه «تبادل معه الآراء»، مضيفاً: «وكما قال الوزير نجار، لا أحد يعطي السلطات القضائية اللبنانية أوامر». وأكد أن نقل الوثائق والموقوفين إلى لاهاي سيتم خلال شهرين من مطلع آذار إذا بقوا رهن التوقيف.