محمد زبيبينتمي النائب مصطفى علوش إلى تيار المستقبل، وهو مناصر شديد الحماسة لطروحات فريقه، ومعجب إلى أقصى درجات الإعجاب بالشيخ سعد ودولة السنيورة ومكارم السعودية. يزعجه تضييع فرص الاستفادة من الفورات النفطية في الخليج العربي والالتهاء بمقاومة العدو الإسرائيلي وإنهاء حكم الوصايات الأجنبية واعتصامات المطالبة بحكومة «الوحدة الوطنية»، ويخاف من انكماش حركة السياحة العالمية وانخفاض القدرة على الإنفاق وتراجع تحويلات المغتربين وزياراتهم إلى لبنان وبطالتهم في أوطانهم الأخرى، ما يقلّص «العائدات الوطنية». كما يخاف من تأجيل الخصخصة التي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من مشروع باريس ـــــ 3...
وهو، في المقابل، يعرب عن خيبته من سقوط نظرية «نهاية التاريخ»، وتحطّم بنيان الاقتصاد، في ظل الأزمة العالمية الراهنة، الذي كان يظنّه المؤشر الأعظم لانتصار نظرية آدم سميث المسمّاة «اقتصاد السوق». فالأزمة ـــــ برأيه ـــــ أعادت فتح نقاش، كان مقفلاً، في صوابية ترك السوق لـ«حرية متوحشة»، والاتجاه اليوم ـــــ برأيه أيضاً ـــــ هو لتدخل «محدود» من «مؤسسات متخصصة» لتخفيف وطأة السنين العجاف وللحد من «وحشية السوق» من خلال «ليبرالية إنسانية».
طبعاً، لا تأتي هذه التوصيفات (المستقاة من خطاب النائب علوش في جلسة مناقشة الحكومة) في سياق نقدي للخيارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المعتمدة في لبنان منذ عام 1992 حتى اليوم، بل على العكس تماماً، فهي تأتي في سياق تأكيد صحّة هذه الخيارات ـــــ عند علّوش ـــــ التي لم تتوافر لها حظوظ جيدة لتحقيقها، ولا سيما على صعيد «الاستقرار»، و«الاستقرار لا يأتي من دون أمن، والأمن لا يأتي من دون وحدة مرجعيته».
يعتقد علوّش أن هذا هو العامل الوحيد الذي منع لبنان من تحقيق النتائج نفسها التي تحققت في تجربتي سويسرا وإيرلندا، حيث باتت الأولى تتمتع بأعلى دخل فردي في العالم، وتضاعف الناتج القومي في الثانية سبع مرات في عقد واحد... فالسر يكمن في الاستقرار، بمعناه الأمني، لا باعتباره نتاج قيم مشتركة لمواطنة متساوية ونظام سياسي ديموقراطي ونموذج اقتصادي تنموي وحماية اجتماعية وعدالة تضمنها الدولة القادرة على حماية مواطنيها وتأمين حقوقهم الأساسية في كل المجالات.
إنه العقم الثقافي يصيب كل الطبقة السياسية، وعلّوش ابنٌ من أبنائها. عقم يسمح للسنيورة بأن يقول في الجلسة النيابية نفسها، إن برنامج الحكومة صالح قبل الأزمة العالمية وخلالها وبعدها.