قاسم س. قاسملم تخسر أم حسين لوباني، الفلسطينية التي تسكن مخيم برج البراجنة، أسهمها في الأزمة العقارية التي هزّت ولا تزال العالم. الشيء الوحيد الذي أثر في «أسواقها المالية» هو الفارق في سعر صرف اليورو الذي كان ابنها المغترب في الدانمارك يرسله لها. وبرغم انه لا توجد إحصائيات رسمية بأعداد الفلسطينيين في الدانمارك أو الأموال التي يرسلونها، إلا أن المؤكد أن الكثير من العائلات تعتمد على تلك التحويلات التي يقتطعها فلسطينيو الدانمارك من «اللحم الحي» للمساعدات التي تقدمها إليهم الدولة الدنماركية إلى أن يحصلوا على حق العمل. تجلس أم حسين في منزلها على أطراف المخيم لتتحدث عن معاناة ابنها ضيق حال مالياً. تشرح الحاجة الستينية أن أزمتها في أن «المئة يورو اللي كان يبعتها كانوا يمشّوا حالي»، أما اليوم وفي ظل الغلاء في لبنان «فما عادت تكفيني لنص الشهر». لا تخفي الحاجة أن ابنها الذي قدّم طلباً للجوء السياسي يعمل «في الأسود» أي بطريقة غير شرعية. فالمال الذي تعطيه إياه الحكومة لم يعد يكفيه. ولذا تخاف «أن يمسكوا به ويعيدوه إلى لبنان»، وهي تفضل بقاءه «بالغربة» لمستقبله. أما عن مشكلة صرف المئة يورو التي كانت بـ275 ألف ليرة وأصبحت الآن 217 الف ليرة ، فـ«كل شي من الله منيح".
بعد تدهور الاقتصاد الاسباني، عاد كثيرون للبنان لأنه «ما عم توفّي بقى» منهم مهندس البرمجيات صالح اسكندر (28 عاماً) الذي يقول «العودة الى لبنان أفضل، فالضرائب في لبنان أقل، وأنا بين أهلي وزوجتي، ومعاشي في إسبانيا سوف يكون أكثر من هنا بمئة يورو فقط». قبل اسكندر فكرة التخلي عن الغربة ولو كانت ستجلب له مئة يورو إضافية وذلك ليكون بقرب عائلته. أما ماذا تقول العائلة، فزوجته فاطمة الحموي هي الوحيدة الفرحة بهذه العودة.
ولكن أكثر من «يلعن أميركا وأزماتها» هو مصمم المجوهرات بلال شحادة، الذي لن ينسى «أيام العز يلي عشتها» في الإمارات العربية المتحدة، كما عبّر. فهناك وصل راتبه إلى ألفي دولار وهو «راتب لا يحلم به الفرد، وخصوصاً إذا كان فلسطينياً وفي بلد مثل لبنان». يضيف شحادة «رغم كلفة السكن والطعام إلا أنني كنت أجد ما يكفي لأرسله للعائلة». إلا أن حلمه لم يطل، وتغير كل ذلك عندما بدأت الشركة التي عمل فيها تقليص راتبه ليصل إلى 750 دولاراً، ما «أجبرني على العودة إلى لبنان»، والسبب؟ «بهذا الراتب يصبح مال دبي لدبي ولا يمكنني إدّخار أيّ شيء منه». يأمل شحادة أن تنحسر الأزمة، ليعود مجدداً إلى عمله في «الخليج». ويقول ساخراً إنه «عم استغل الأزمة». أما كيف؟ فيقول ضاحكاً «عم ضل نايم».