رامي زريقتعدّ بيروت من أقلّ المدن اخضراراً في العالم، يتقاسم فيها كل 36 مواطناً شجرة واحدة. وللمقارنة، فكل أربعة من سكان باريس ينعمون بشجرة. تكاد تغيب المساحات الخضراء عن عاصمتنا كلياً: فقد ابتلعها المدّ العمراني. ليس في بيروت اليوم أكثر من ثلاث أو أربع حدائق كبيرة، من أهمها حرم الجامعة الأميركية الذي يُعدّ من أجمل الحدائق الجامعية في العالم، تكثر فيها أشجار الخرّوب والبطم والسنديان، إلى جانب أصناف أخرى منها محلية ومنها غريبة، أتى بها الباحثون من كل أنحاء العالم.
لكن حرم الجامعة يظلّ جنة ممنوعة، إلا على الطلاب الحاليين والقدامى منهم، وعلى العاملين فيها. أما المساحة الخضراء الثانية فهي نادي الغولف الذي يقع بين منطقتي الجناح والمطار ويمتدّ على عشرات آلاف الأمتار المربعة المزروعة بالحشيش الأخضر والمخصصة لدحرجة طابات صغيرة بهدف إيقاعها في حفر أرضية. وتُعدّ رياضة الغولف من الرياضات الأرستقراطية، لذلك ترى نادي الغولف محاطاً بسور مرتفع يفصله تماماً عن محيطه، ولا يستمتع بخضاره إلا الأغنياء.
ولا يبقى لعامة أهل بيروت إلا حرجها الذي تملكه البلدية، أي بمعنى آخر كل سكان المدينة. كان حرج بيروت مغطى بأشجار الصنوبر الكثيفة، ومتاحاً للجميع. وكانت البلدية قد باشرت بتأهيله ليصبح حديقة عامة عندما اندلعت حروب لبنان في سبعينيات القرن الماضي. أصبح الحرج، بفعل موقعه على خطوط التماس، مركزاً للمدفعية إلى أن احترق تماماً في الثمانينيات. أعيد تأهيله في بداية التسعينيات، وأصبح من أجمل معالم العاصمة، إلا أنه لا يزال مقفلاً في وجه عامة الشعب، تصرف بلدية بيروت من ضرائب الشعب مئات آلاف الدولارات لصيانته.. ولإبقاء الشعب خارجه! افتحوا أبواب الحرج، أعيدوه إلى أصحابه..