عمر نشّابةهذا الضابط محسوب على «المستقبل» وزميله محسوب على «حركة أمل»، أمّا ثالثهم فمحسوب على «التيار الوطني الحر»، ورابعهم على «حزب الله»... الأمن الداخلي لـ14 آذار، والأمن العام للمعارضة... أما «النهار» فلـ«ثورة الأرز» و«الأخبار» للجمهورية الإسلامية في إيران و«السفير» لقوى 8 آذار... كلام على ألسنة الناس يتحوّل إلى قناعة مترسّخة في أذهان بعض من لا يرى حاجة إلى بحث متعب وطويل عن الحقيقة.
بساطة التصنيف توضح الرؤية وتسهّل الخيارات. لكن ذلك يفوّت على حاملي راية حقوق الإنسان ومبدأ المساءلة والمحاسبة الديموقراطي مناسبات عديدة لمواجهة الأجهزة الرسمية المسؤولة عن الخدمات العامة بحدّة لا مثيل لها عبر الإعلام، لتجاوزها المعايير الحقوقية الأساسية في السجون والنظارات وأماكن الاحتجاز وأثناء إدارة التحقيقات الجنائية مثلاً. إذ إن كلّ ما نُشر منذ 2005 حتى اليوم من انتقادات بحق القوى الأمنية والعسكرية في هذا الإطار يمكن بعض الضباط تفسيره بأنه هجوم عليهم بسبب تصنيفهم سياسياً أو مذهبياً وطائفياً. في المقابل، يفسّر بعض الصحافيين والحقوقيين كل خطوة يقوم بها الضباط بعمل يخدم فئة سياسية أو مذهبية أو طائفية على حساب أخرى. والفائدة الإنسانية الحقوقية الوحيدة في كلّ ذلك تكمن في عجز البوليس أحياناً عن قمع صحافيين بسبب تصنيفهم السياسي...
البعض يعتبر الأمن العام «تابعاً» للمقاومة. لكن ما علاقة مقاومة العدو الإسرائيلي بزرب البشر في مكان لا يصلح للدواب في الطابق الثاني تحت سطح الأرض؟
ويقول آخرون إن الشرطة القضائية للحزب التقدمي الاشتراكي. لكن ما علاقة مدرسة كمال جنبلاط التقدمية الاشتراكية بـ«معالجة» الموقوفين أثناء التحقيق معهم في مفارز الشرطة القضائية المرعبة؟
ويتكرّر على بعض الألسنة أن قوى الأمن للحريري. لكن ما علاقة مؤسّسة رفيق الحريري بارتجاف الآلاف من البرد في ظلام زنازين السجون؟
لا بدّ أن يعثر بعض القرّاء على أجوبة إيجابيّة. غير أنّ تصنيف تلك الأجوبة يشير حتماً إلى انقسام بين الناس يعيدنا إلى مطلع هذا النص.