تحتفل جامعة البلمند و«مؤسسة عصام فارس» اليوم بوضع حجر الأساس لـ«معهد عصام فارس الجامعي للتكنولوجيا» في بينو، ليكون أوّل جامعة في عكار، ما سيوفّر على طلابها عناء الانتقال إلى طرابلس وبيروت طلباً للعلم
إيلي حنا
لم يتوقع أشدّ المتفائلين العكاريين أن يُبنى صرح جامعي في منطقتهم، فشراء بعض المواسم الزراعية أو دعم سعرها من الدولة أو جهة سياسية ما، هو الطموح الأكبر بالنسبة لأهالي المنطقة. ولذلك رحّب العكاريون بافتتاح «معهد عصام فارس الجامعي للتكنولوجيا» بالتعاون مع جامعة البلمند في بلدة بينو العكارية الذي يبدأ التسجيل فيه في أيلول 2011.
وسيضم المعهد 27 اختصاصاً تشمل العلوم والتكنولوجيا، كلية زراعة ومعهد علوم بحرية. وتنسجم هذه الاختصاصات مع واقع المنطقة وجغرافيتها. وفي هذا الإطار، يقول نائب رئيس جامعة البلمند الدكتور ميشال نجار، إنّ الاختصاصات وُجدت لتُقارب الحاجات الهائلة لسوق العمل في عكار بعد دراسة أُعدت لهذه الغاية.
واللافت هو قرار الجامعة بخفض الأقساط بنسبة 50% لأبناء عكار بعد توصية بهذا الشأن من مؤسسة فارس. ويصف المدير العام لمؤسسة فارس المهندس سجيع عطية هذه الخطوة «بالتتويج للتقديمات التربوية» التي تعدّت 30 ألف منحة. ولم يُخفِ عطية إمكان تقديم منح بعد خفض الأقساط نظراً لأوضاع أهالي المنطقة الاقتصادية. ويؤكد عطية أنّ طاقم الجامعة التدريسي والإداري ستكون الأفضلية فيه للعكارييّن أيضاً. وتلقى الطلاب العكاريين وأهاليهم نبأ افتتاح المعهد الجامعي بارتياح كبير. فرحّب الطالب في جامعة البلمند مازن مرعي ببناء فرع قريب من سكنه في حلباـ ورأى فيه توفيراً من الناحية المادية. ويضيف مازن أنّ قرب الجامعة يضمن له عودة يومية إلى المنزل عوضاً عن استئجار الغرف واكتساب «ثقافة المايكروويف» التي أضحت من مسلّمات السكن الجامعي.
من جهته، يجد الطالب في كلية الهندسة طارق العلي في قرب الجامعة من المنزل فرصة سانحة للأهل لفرض عدم ابتعاد أولادهم عن المنزل أثناء مرحلتهم الجامعية. «بس راحت على البنات يلي بدّن يفلتوا»، يقول طارق ممازحاً. يُدخل هذا الصرح الجديد أحاديث جديدة على مائدة العكاريين، فأصبحت فكرة دخول أولادهم إلى هذا المعهد على طاولة البحث الجدّي. فترى جورجيت يعقوب أنّ تخوّفها المفرط على أولادها بسبب الأوضاع الأمنية بدأ يتلاشى مع وجود «جامعة محترمة بعيدة 20 دقيقة بالسيارة عن المنزل». من جهته يعيد رامز حداد التفكير ببيع منزله والنزوح وأولاده إلى بيروت ليكون قريباً من الجامعات. ويضيف هذا المعهد الجامعي حلولاً أمام زهاء 2000 متخرّج ثانوي سنوياً في عكار، لم يكن أمامهم بين الهجرة والنزوح إلى بيروت أي خيارات خارج «النزهة اليومية» لساعات لأقرب جامعة في طرابلس أو التطوع في السلك العسكري.
ووصلت حمى الفرح بالمعهد الجديد إلى سائقي الباصات العمومية. فلا يتردد أحدهم في مدح القيّمين على المشروع، ويسترسل في الشرّح عن حركة المرور التي سوف تنتعش في المنطقة مدعومة بشبكة المواصلات التي شارفت على الانتهاء، وعن النفس الجديد المنتظر لعكار بعد «الغيبوبة الطويلة» التي عاشتها.
اعتادت فعاليات عكار وسياسيوها التعامل مع مواطني المنطقة بالمفرّق، فأتت خدماتهم آنية ومرحلية، لعلّ هذا الصرّح الأول من نوعه يُستتبع بخطوات تستنهض طاقات العكاريين وتحدّ من نزيفهم الاقتصادي والاجتماعي.


سيعيد المعهد التفاعل بين طلاب المنطقة الذي توقف جرّاء تكاثر الثانويات.كما يُتوقع أن يسكن بعض الطلاب القادمين من القرى السورية الحدودية قرب الجامعة، بالإضافة لبعض زملائهم اللبنانيين، ما سيزيد فرص عمل السكان.