إيلي شلهوبإشارات متعددة ظهرت خلال الأيام القليلة الماضية تكرّس معادلة استراتيجية يبدو أنها تبلورت في المنطقة، وتعطي فكرة عن قواعد اللعبة فيها خلال الأشهر الأولى من 2009. التسريبات عن عرض واشنطن مظلة نووية على تل أبيب قد تكون في مقدّمها. أفكار أثارت استياءً عارماً في إسرائيل، حيث بدأت تتبلور قناعة بأن الولايات المتحدة تجاوزت عقبة الاعتراف بإيران دولة عظمى نووية، وبأن الإدارة الجديدة بقيادة باراك أوباما تبني سياستها الشرق أوسطية من هذا المنطلق.
حقيقة فاقم من وطأتها تأكيد الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي غيورا آيلند أن إسرائيل عاجزة عن تحقيق نصر على إيران من خلال ضربة جوية لمنشآتها النووية. عملية عسكرية شدد على أنه لا يمكن شنّها من دون تنسيق مع الولايات المتحدة، لكنه لم يستبعد حصولها في الفترة الممتدة من صيف العام المقبل حتى صيف عام 2011.
ضربة كهذه تصبح أكثر ترجيحاً مع تسلّم بنيامين نتنياهو الحكم في شباط المقبل. الدافع إلى تسريع القيام بها قد يكون محاولة إسرائيلية لفرض واقع جديد على واشنطن. لكنها قد تنتظر وصول الحوار الأميركي ـــــ الإيراني المرتقب إلى حائط مسدود، على قاعدة استبعاد تبلور أفكار لتسوية يمكن أن ترضي إيران وتقبل بها إسرائيل أو العكس.
الرهان على المسار السوري يبدو خاسراً، حتى إسرائيلياً. فإذا كانت تل أبيب بقيادة إيهود أولمرت قد رفضت شرط بشار الأسد ترسيم حدود الجولان المحتل قبل التفاوض المباشر، فكيف الحال عندما تنتقل هذه القيادة إلى نتنياهو، الذي يُفضّل «سلاماً اقتصادياً» مع الفلسطينيين؟ لا شيء يمنع ضغوطاً عسكرية إسرائيلية على دمشق تحاكي غارة دير الزور.
كذلك الأمر بالنسبة إلى الوضع مع الفلسطينيين. رفض «حماس» والفصائل تمديد التهدئة ليس عابراً. التدحرج نحو مواجهة عسكرية في غزة ليس مستبعداً. استحقاقات العام المقبل، وفي مقدّمها انتهاء ولاية عباس، بالغة الخطورة، وتهدد بدماء في الضفة.
كل ذلك يجري فيما موعد الرابع عشر من شباط يقترب، والمقصود الذكرى الأولى لاغتيال عماد مغنية.
لا داعي إلى الهلع. لبنان في مأمن؛ طائرات الـ«ميغ 29» ستصل قبل بدء الإثارة، على الأرجح!