يتبخترن بثيابهنّ اللافتة للأنظار وأحذيتهنّ ذات الكعوب العالية في النهار. أما في المساء فتراهنّ في ملعب كرة القدم يلعبن «لعبة الرجال»
البلمند ــ أمل ديب
لم يكن يخطر ببال سارة باسيل، حارسة المرمى لفريق كرة القدم للإناث في جامعة البلمند، أن تفوز بميدالية ذهبية في أحد الأيام، بل لم تكن تتصور أصلاً أن تلعب في دوري لكرة القدم. فاللعبة التي يحتكرها الرجال دخلت إلى الجامعة منذ نحو سنتين من دون أن تمارس بالجدية المطلوبة، لأن الفريق لم يكن قادراً على خوض المباريات.
لكنّ هذا العام شهد إقبالاً كثيفاً من الفتيات اللواتي يرغبن في تعلّم اللعبة وممارستها، وصولاً إلى السعي الحثيث لاحترافها.
تبتسم باسيل عندما تتحدّث عن اللعبة ــــ الحلم الذي يتحقّق بالنسبة إليها. أحبت باسيل ممارسة كرة القدم، إلا أنّ «الأولاد لم يكونوا يسمحون لي باللعب معهم لأنني فتاة». أما الآن، فتبدو سعيدة لانضمامها إلى الفريق، ونيلها أول ميدالية ذهبية في «مسيرتها الكرويّة». وتبدي كابتن الفريق، رجاء الشطح، ارتياحها لتمكنهنّ من المشاركة في مباريات وتحدٍّ مع فرق جامعية أخرى لها تاريخ أطول في هذه اللعبة. ما دفع «الكابتن» إلى الانضمام إلى الفريق هو حبّها لهذه اللعبة وممارستها إياها منذ الطفولة «كنت ألعب في الأزقّة مع أولاد الحارة». وتظهر الشطح امتعاضها من نظرة المجتمع إلى الفتيات اللواتي يلعبن كرة القدم، «لست حسن صبي! أنا فتاة تحب الرياضة»، وتؤكد أنّها ستحترف هذه اللعبة في المستقبل.
لكن الاحتراف ليس هدف جميع اللاعبات، فالطالبة سارة سيريس، السورية الجنسية، لا تحب كرة القدم، لكنّها تتدرّب مع الفريق، ما «يسمح لي بقضاء الوقت مع صديقات تجمعني وإياهن روح رياضية». وميرا عدرة التي تعرّفت إلى اللعبة منذ أشهر قليلة، تتشجّع لحضور التمارين وتسعى إلى تطوير مهاراتها في اللعبة، إلاّ أنها ستتبع نصيحة الأهل، وستسعى إلى احتراف الكرة الطائرة وكرة السلة اللتين تمارسهما منذ زمن طويل.
من جهتها، ترى كابتن الفريق السابقة، منى صيام، أنّ الجو هذه السنة مختلف، فالمدرّب يشجّعنا والفتيات يرفعن بعضهنّ معنويات بعض. أما جيلبار صديق منى، فكان أوّل من شجّعها على دخول الفريق، وأصبح يرافقها إلى التمارين، لا سيّما أنه هو أيضاً رياضي. ومع أنّ فيرونيك القرطباني تفضّل انتعال «الكعب العالي» على حذاء الرياضة، إلا أنها فخورة بنفسها، إذ استطاعت أن تتحدّى ذاتها وتمارس «رياضة الرجال».
المدرّب جاد يمّين راضٍ عن أداء الفريق، فعدد الفتيات المنضويات في الفريق تضاعف من 8 فتيات العام الماضي، إلى 16 فتاة هذا العام، يلتزمن التزاماً كاملاً بالتمارين. وقد أوضح يمّين أن الدورة الرياضية التي نظّمتها جامعة القديس يوسف والتي حاز فيها الفريق كأس دوري كرة القدم للإناث، أسهمت في تعزيز ثقة الفتيات بأنفسهّن، ودفعتهنّ إلى مزيد من المثابرة. لكنّه أفصح عن عثرة صغيرة تواجه الفريق هي التفاوت في المستوى على الصعيد البدني، فبعضهنّ يمارس الرياضة منذ فترة قصيرة فقط. وعن الفرق بين فريق الإناث وفريق الرجال قال يمّين ممازحاً: «الفتيات يتذمّرن أكثر من الشباب، وخصوصاً في ما يتعلق بتمارين اللياقة والركض».