◄ في نهاية القرن الرابع عشر للميلاد، كانت جامعة براغ بؤرة لتيّار إصلاحي قويّ يدعو للعودة إلى أشكال بدائيّة بسيطة للديانة المسيحيّة، إلى كنيسة فقيرة ورجال دين يعيشون حالة زهد وتواضع. يان هوس (١٣٧١ ــــ ١٤١٥) الذي عرف خطيباً ماهراً، كان رمزاً لهذا التيّار. أعدمته السلطات الدينيّة حرقاً... فجاء استشهاده ليعطي زخماً للحركة الإصلاحيّة الـ«هوسيّة» التي أدّت لاحقاً دوراً أساسيّاً في تشكّل الوعي السياسي والوطني في الوجدان التشيكي المعاصر.
◄ مطلع القرن السابع عشر، كانت مملكة بوهيميا بلداً مقسوماً على المستويين الديني والسياسي. أمسك الحزب الكاثوليكي بالمبادرة السياسيّة في القرن الـ١٦، رغم أنّه كان يمثّل مذهباً أقلّويّاً. ولم يرسّخ الجناح البروتستانتي الأكثر راديكاليّة سلطته إلا في عام ١٦٠٩ بعدما وقّع الملك رودولف الثاني، من سلالة هابسبورغ، رسالته الشهيرة التي تفرض التسامح بين الأديان. لكن الخلافات على تفسير تلك الرسالة أعادت التوتّر إلى البلد، بعد رمي مستشارين للملك من النافذة في قصر براغ. وسحق تمرّد ولايات بوهيميا نهائيّاً عام ١٦٢٦، خلال معركة الجبل الأبيض، واستتبّ الحكم للكاثوليك حتى انهيار الإمبراطوريّة النمسويّة ــــ المجريّة.

◄ أبصرت الجمهوريّة التشيكوسلوفاكيّة النور في ٢٨ ت١/ أكتوبر ١٩١٨، من دون إراقة نقطة دم واحدة، على أنقاض الإمبراطوريّة الأوسترو ــــ هنغاريّة. جمعت الدولة الجديدة قوميّات وثقافات وأعراقاً وديانات مختلفة: التشيك والسلوفاك والألمان والمجريين والأوكرانيين والبولونيين... على أساس ديموقراطي علماني. وتنوّعت الأطياف السياسيّة من الحزب الشيوعي إلى اليمين القومي، وصارت الجمهوريّة نموذجاً للديموقراطيّة، إلى أن هزّت أساساتها الأزمة الاقتصاديّة العالميّة عام ١٩٢٩، ورمتها بين ذراعي النازيّة.

◄ في أيار/ مايو ١٩٤٥ دخلت القوات السوفياتيّة إلى براغ، وحررتها من نير الحكم النازي. وصل الشيوعيون إلى السلطة في تشيكوسلوفاكيا عام ١٩٤٨، وسرعان ما أمسك أخطبوط الستالينيّة بآلة الحكم... جاء «ربيع براغ» ليحمل آمالاً بالتغيير، قبل أن تسحقه الدبابات السوفياتيّة، عام ١٩٦٨. وجاءت «ثورة المخمل» لتسقط النظام الشيوعي عام ١٩٨٩ من دون إراقة نقطة دم أيضاً. ثم كان «طلاق المخمل» بين تشيكيا وسلوفاكيا، في عهد أول رئيس منتخب في العهد الجديد، الكاتب الميرحي فاتسلاف هافيل.