إيلي شلهوبتعاني الإدارة الجمهورية في أميركا هذه الأيام سكرات الموت. تترقب عملية جراحية الثلاثاء المقبل، نسبة نجاحها ضئيلة. تتضرع لحصول معجزة، لكنها تُرجّح إعلان وفاتها رسمياً في 20 كانون الثاني. لعلّ أكثر ما تتمنّاه عدم دخولها في موت سريري خلال هذه الفترة. تريد ضمان عدم تبديد إرثها، لكن كثرة الفيروسات التي تستشري بها تجعلها عاجزة عن الحراك. الاعتداء الأخير على سوريا يبدو في هذا السياق استفاقة تحت أجهزة الإنعاش. عملية قسطرة غبية لفتح الشرايين المسدودة في العراق، بات مؤكداً أنها لن تجدي نفعاً. ربما حمّلها بعض الحالمين من صقور البيت الأبيض رسالة من نوع ما. تلويح بعواقب محتملة إن لم تسارع دمشق إلى تبديل المحاور. وربما هناك من يراهن على صدقيّة وعيد كهذا. الصمت السعودي مؤشر.
الانقسام داخل إدارة بوش بشأن كيفية معالجة الملف السوري يبرر التفسيرات المتعددة لهذا العدوان، وبينها أنه عبارة عن عملية أمنية «لا هدف سياسياً» لها. حقيقة أن هناك مجانين وعقلاء يتنازعون القرار في واشنطن تبقي الاحتمالات كلها واردة. لكن واقع الحال يكشف عن قيود، ما عادت هناك حاجة لتكرار تعدادها، تضبط إيقاع أي مناورة أميركية. المعلومات عن إبداء ديفيد بيترايوس، قبل الغارة، رغبته بزيارة دمشق، بالغة الدلالة، تشير إلى اقتناع أعلى سلطة عسكرية أميركية في المنطقة الممتدة من أفغانستان إلى القرن الأفريقي بأن الدبلوماسية هي خيار الضرورة في التعامل مع نظام بشار الأسد.
مهما يكن من أمر، تبدو عاصمة الأمويين اليوم أكثر ثقة بنفسها. يُستدلّ على ذلك من حدّة لهجتها وسرعة مبادرتها إلى إجراءات عقابية وتلويحها برفع قبضتها الأمنية عن الحدود مع العراق وتعزيزاتها العسكرية على حدودها الغربية مع لبنان. تأكيد محمود أحمدي نجاد على أن «الحكومة والشعب الإيرانيين سيقفان إلى جانب إخوتهم السوريين» لا بد أنه زاد من طمأنينتها. لكنها، كعادتها، لا تقطع شعرة معاوية أبداً. تدرك أن غداً لناظره قريب. تراهن، كغيرها كثر، على صناديق الاقتراع الأميركية. تُعدّ دور الضيافة لاستقبال موفدي الرئيس المقبل. وربّما تقيم حفل وداع لسلفه بوش... في سفارتها في بيروت.