محمد محسنتعترف بأن في داخلها ذكريات يسارية حمراء، دفعتها إلى البحث عن صورة لفلسطين، يمكن ارتداؤها، يمكن تنفّسها، أو شمّها والنظر إليها قدر المستطاع. وهناك كانت رحلتها مع الشال الفلسطيني في الصيف والشتاء، ولامها المقّربون كثيراً، حد السخرية، قبل أن تصبح الكوفية «موضة العصر الموسمية»، كانت متهمة بالـ«الشيوعية»، في بيئة ترفض لخوفها من «الخارج» الخروج عن الطائفة. هي لم تنف يوماً أنها تحب الأفكار الشيوعية بمعاني العدالة الاقتصادية والاجتماعية، لكنها رفضت دائماً إلصاق رمز فلسطيني كالكوفية بالفكر الشيوعي «حتى لا يصار إلى اختزال أي منهما على حساب الآخر»، وحتى «يبقى لأي إنسان حق ممارسة الحب كما يشاء».
صديقتي، حساسة جداً. تبكي عندما تشاهد صوّر الحصار في غزة، دموعها حقيقة تماماً، وخالية من أي زيف ممكن، كما دفعها فضولها وحساسيتها المفرطة، إلى اقتناء أكبر عدد ممكن من الكوفيات الجديدة الملوّنة، والسبب ليس أنها تحب إيلي صعب، وهذا ليس بشيء شائن، بل شبه تلك الكوفيات، بالكوفية الأصلية.
الكوفية الأصلية أصلية، تعلن دائماً، وتشرح: الكوفية بالأبيض والأسود.. أما فلسطين، فدائماً بالألوان، ولن تتحول إلى فيلم قديم، يمسحه العالم من ذاكرتنا.