نجح جهاز أمن المقاومة في تقديم معطيات إلى مديرية استخبارات الجيش تُمكّنها من توقيف أفراد يشتبه في عملهم لحساب الاستخبارات الإسرائيلية. بعد محمود رافع عام 2006، أوقِف علي ويوسف الجراح خلال الأيام الماضية
حسن عليق
كشفت قيادة الجيش في بيان أصدرته صباح أمس، عن توقيف «شخصين ينتميان إلى شبكة تجسس وإرهاب متورطة بالتعامل مع العدو الإسرائيلي». وأشار البيان إلى أن الموقوفَين اعترفا بـ«جمع معلومات عن مراكز حزبية، ورصد تحركات مسؤولين حزبيين لمصلحة هذا العدو». من هما الموقوفان؟
تشير المعلومات الأمنية إلى أن جهاز أمن المقاومة، بعد أشهر من المتابعة، تمكّن يوم 9/7/2008 من توقيف علي ديب الجراح (مواليد بلدة المرج البقاعية عام 1958) في الضاحية الجنوبية لبيروت، إثر توافر معطيات تشير إلى تورطه في مراقبة عدد من مسؤولي المقاومة. خلال الساعات الثماني والأربعين الأولى من «اختفائه»، لم تكن عائلة الجراح تعلم مكان وجوده، فأبلغت قوى الأمن الداخلي أنه كان قاصداً بيروت في التاريخ المذكور أعلاه بسيارته (هوندا أكورد). وقد تبيّن لمحققي الأمن الداخلي أن آخر مكان كان هاتفه الخلوي شغالاً فيه هو محيط مخيم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين. ورجّح مسؤولون أمنيون في ذلك الحين أن اختفاء الجراح حدث نتيجة خلافات داخلية في تنظيم «فتح الانتفاضة». فالجراح، بحسب تقاطع المعلومات الأمنية مع ما ذكره عدد من أبناء بلدته، كان منضوياً في صفوف حركة فتح بداية ثمانينات القرن الماضي. وعام 1983، كان في صفوف المنشقّين عن الحركة، الذين أسسوا حركة «فتح الانتفاضة». وخلال السنوات الماضية، كان مشرفاً على مدرسة التمريض التابعة للحركة المذكورة في بلدة جلالا في البقاع الأوسط، فضلاً عن أن جزءاً من ممتلكات «فتح الانتفاضة» وأموالها كان مسجّلاً باسمه. واستغل بعض الأمنيين هذا الأمر للإشاعة بأن اختفاءه يتعلّق بمحاولة بعض قادة التنظيم المذكور استعادة الممتلكات.
إلا أن التحقيق الجدي في قضية اختفاء علي الجراح سرعان ما أقفِل، قبل نقله إلى عهدة فرع التحقيق في مديرية استخبارات الجيش. وذكرت مصادر مطلعة على التحقيق أن الموقوف اعترف بأن الاستخبارات الإسرائيلية جنّدته منتصف ثمانينات القرن الماضي، وكلفته جمع معلومات عن التنظيمات الفلسطينية العاملة في لبنان وسوريا. وخلال السنوات الماضية، تركّزت مهمته على رصد مواقع وشخصيات من حزب الله، وخاصة خلال انتقال بعض قادة المقاومة بين لبنان وسوريا. وقد زوّدت الاستخبارات الإسرائيلية الجراح بعدد من أجهزة الاتصالات والتصوير المتطورة، التي قال عنها مسؤول في الجيش إنها «شبيهة بتلك التي ضبطت مع محمود رافع عام 2006» (الذي أوقِف بعدما أبلَغ مسؤولون في الحزب السوري القومي الاجتماعي الجيش عن تحركاته المشبوهة).
وأشار مصدر مطلع إلى أن بين هذه الأجهزة كاميرا متطورة مزروعة داخل سيارة رباعية الدفع، من نوع باجيرو، يملكها علي الجراح، كان الأخير يوقفها في منطقة المصنع الحدودية لتصوير السيارات العابرة بين لبنان وسوريا. وبناءً على اعترافات علي، أوقفت دورية من فرع الأمن القومي شقيقه يوسف في بلدة المرج منتصف الأسبوع الفائت، للاشتباه في ضلوعه مع شقيقه بالعمل ذاته. وصادرت من أمام منزله سيارة الباجيرو. وذكر مسؤول عسكري لـ«الأخبار» أن التحقيقات، التي لم تنته بعد، لم تفضِ إلى تحديد أدوار مباشرة للأخوين في أعمال تفجيرية، مشيراً إلى أن المعطيات الأولية تؤكّد دورهما المهم في جمع المعلومات لمصلحة العدوّ.