حلا ماضيصحة المرأة ونوعية حياتها بمعناها الشمولي، كانت محور مؤتمر عقد أخيراً في بيروت تحت عنوان «المؤتمر الإقليمي لأمراض النساء»، نظمته الجمعية اللبنانية للتوليد والأمراض النسائية بالاشتراك مع اتحاد الجمعيات حول البحر المتوسط، والرابطة العربية لجمعيات الأمراض النسائية والتوليد، والرابطة الفرنكوفونية. متابعة هذا المؤتمر سمحت بالاطلاع على أبرز الأمراض التي تعانيها المرأة في منطقتنا وفي منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط. فالنزف بعد الولاة يُعدّ من العوامل التي تسبب وفيات بين النساء، وينتج أحياناً من الاستعمال المفرط لمحرّض الطلق، وسوء تقدير لعملية الولادة. ومن الأمراض التي تشغل الأطباء التلاسيميا وفقر الدم خلال الحمل نتيجة لعدم تناول الفيتامينات المخصصة وأسلوب التغذية، مما يجعل الحمل العادي خطراً ويؤدي إلى الإجهاض، أو موت الجنين، أو الولادة المبكرة، أو تأخر النمو داخل الرحم، إضافة إلى مشاكل البدانة، الخلاص المنخفض.
ولكن المخاطر والأمراض لا تُحدد فقط بالحمل، فهناك مشاكل غير مرتبطة بالتوليد، بمعنى الاهتمام بصحة المرأة والمتابعة الصحية خارج إطار الحمل والولادة، كما يشير رئيس اللجنة الطبية للمؤتمر الاختصاصي في الجراحة النسائية والتوليد الدكتور فيصل القاق، فمعظم النساء لا يزرن الطبيب خلال مرحلة «سن الأمان» (أي بعد انقطاع الدورة الشهرية) للوقاية من أمراض القلب وترقق العظام، ومتابعة فحوصات سرطان الثدي والكشف المبكر عنه. ومن شأن المتابعة الطبية والمنتظمة أن تحد من كل تلك الأمراض إذا تابعت المرأة فحوصاتها وتناولها لبعض الهرمونات البديلة مع بداية مرحلة الأمان عندها، فقد أثبتت الدراسات والأبحاث العلمية أن الاستعمال المبكر لهرمونات «استروجين بروجسترون» ابتداءً من عمر الخمسين ولفترة سبع سنوات، يساعدها في الحماية من مرض ترقق العظم، وليس فقط في معالجة العوارض الناتجة من انقطاع الدورة الشهرية، مع ضرورة تقييم كل حالة والوقت المناسب للبدء بالعلاج.
وفي موضوع التطورات الطبية في مجال صحة المرأة، أشار القاق إلى التطور في وسائل منع الحمل الطارئ، عن طريق تناول المرأة حبة بعد المجامعة وخلال خمسة أيام من العملية الجنسية في حال عدم وجود أية وسيلة أخرى.
وقد شهدت الجراحات النسائية تطوراً كبيراً يتعلق بالجراحة التنظيرية في حالة السرطان النسائي، والجراحة ذاتها عند البدينات التي كانت تخضع لاعتبارات مختلفة سابقاً من حيث الجرح الذي يدخل فيه الناظور وكمية الغاز التي توضع في البطن والتعافي بعد العملية.
وقد دق الأطباء خلال المؤتمر ناقوساً بشأن الأخلاقيات في الطب النسائي، ولفت القاق إلى أن بعض الأطباء يلجأون إلى أعمال طبية غير مبررة كفحوصات مخبرية لا لزوم لها، ومحاباة شركات الأدوية عبر الترويج لمنتجاتها. وفي وجه آخر من الأخلاقيات المهنية جرى التطرق إلى عمليات طفل الأنبوب من حيث مراعاة القوانين والإجراءات التي تحكم نقل البويضات واستعادتها، ووهب حيوانات منوية واستعمالها وتبويبها، وهذا أمر بالغ الأهمية لجهة ضرورة تحديد الأشخاص. ويلامس هذا الموضوع المعايير المتعلقة بالاحتفاظ بعدد معين من الأجنّة في حال حدوث الحمل بأربعة أجنّة، أو عملية تجميدها لحمل آخر.
ويدور الحديث في الأوساط الطبية حول التشخيص الجنيني قبل أن ينغرس في الرحم لجهة الكشف عن مشاكل جينية وإصلاحها.
أخيراً، ذكّر المؤتمرون بأن مئتين وخمسة وسبعين ألف امرأة يمتن سنوياً في العالم بسبب سرطان عنق الرحم الذي يُعدّ ثاني أكثر الأمراض السرطانية فتكاً بالنساء، ويشتمل على أكثر من 150 نوعاً يسبب ثلاثون منها سرطان عنق الرحم. تكمن خطورة هذا السرطان بخلوّه من أية عوارض، فقد تحمل السيدة هذا الفيروس ولكنها لا تعرف أبداً.