قد يكون هناك سببان دفعا وزير البيئة طوني كرم للاستعجال بفتح موسم الصيد في مخالفة واضحة لقانون الصيد البري. الأول انتخابي يرمي لاستقطاب أصوات الصيادين في مختلف الدوائر لمصلحة فريقه السياسي، عبر «إنجاز» سريع قبل مغادرته الوزارة ولو على حساب التنوع البيولوجي وسلامة المواطنين. أما الثاني، فإرضاء لتجار السلاح والخرطوش، المستفيد الأول من «الموسم» وبالطبع شركات التأمين
بسام القنطار
لا نعرف في أي دائرة انتخابية سيترشح وزير البيئة طوني كرم، في الانتخابات النيابية المقبلة، لكن ما نعرفه أن فريقه السياسي لا يعوّل على «الأصوات الخضراء»، بل يحاول اقتناص أصوات الصيادين العشوائيين، وتجار لحوم الطيور البرية، الذين من المتوقع أن يقترعوا له على وقع إنجازه العظيم المتمثّل في تشريع إبادة الطيور المقيمة والمهاجرة. نصائح عدة وجّهت إلى كرم للتمهل حتى العام المقبل لفتح موسم الصيد. آخرها كان المؤتمر الصحفي الذي عقده «التجمع اللبناني لحماية البيئة»، أمس، في نقابة الصحافة. رئيس «التجمع» رفعت سابا قدم عرضاً لما يتضمنه القانون 580 المتعلق بنظام الصيد البري. وأكد أن «هذا القانون يحدد الشروط والمعايير والنوادي الخاصة لإجراء الامتحان الذي يخضع له لزاماً كل طالب رخصة صيد للمرة الأولى بعد صدور القانون». وأوضح أنه «بدلاً من السير في تطبيق القانون فوجئ البيئيون بقرار مفاجئ للمجلس الأعلى للصيد البري يوصي بفتح الموسم للعام الحالي بعيداً عن روح ونص القانون، وخاصة الفقرة 4 من المادة الرابع».
وسأل سابا وزارة الداخلية والمولجين بتطبيق قانون الصيد: «ما الذي يمنع عناصر قوى الأمن من ملاحقة الصيادين التجار؟ وما الذي يمنعهم من ملاحقة الصيّادين الذين يستخدمون آلات التسجيل والدبق وغيرها من الأساليب الشائنة؟».
بدوره شنّ رئيس «حزب الخضر» فيليب سكاف، هجوماً لاذعاً على وزير البيئة. وعلّق ساخراً «أصبحنا في زمن نرجو فيه وزير البيئة للحفاظ على البيئة». وطالب الجهات الرسمية بـ «التحرك الفوري للتذكير بقرار منع الصيد البري في لبنان حتى إشعار آخر، والطلب إلى القوى الأمنية تشديد الرقابة على تطبيق القانون وقمع المخالفات».
وفي حديث مع «الأخبار» أوضح رئيس جمعية حماية الطبيعة في لبنان، رمزي السعيدي، الذي يمثل الجمعيات البيئية في المجلس الأعلى للصيد أن «الجلسة التي أقر فيها المجلس التوصية بفتح موسم الصيد لعام 2008 مخالفة للنظام الداخلي، الذي أقر بالمرسوم الرقم 17455 في عهد وزير البيئة السابق يعقوب الصراف». وينص هذا المرسوم في مادته الرابعة على ضرورة أن توجّه الدعوة إلى الأعضاء قبل يومَي عمل على الأقل.
ورغم أن المرسوم ينصّ في مادته التاسعة على «السرية المهنية»، فإن السعيدي «بقّ البحصة» بشأن ما جرى في اجتماعات هذا المجلس. وأكد أن «جلسات المجلس لا يجري تدوينها في محاضر»، رغم أن أعضاء أمانة السر يتقاضون أجراً مرتفعاً عن كل جلسة للقيام بهذه المهمة البديهية. وكشف السعيدي أنه تبلّغ موعد آخر جلسة للمجلس قبل ساعات من عقدها، لذلك لم يلبّ الدعوة بسبب ارتباطات مهنية. ليفاجأ بعدها بإقرار توصية بفتح موسم الصيد بدون أن يجري تدريب الصيادين وتأهيلهم. وأن رخصة الصيد ستصبح مجرد طلب يقدم إلى الوزارة ويلصق عليه طابع مالي يباع في محالّ بيع أسلحة الصيد.
وتستند مسودة مشروع قرار فتح موسم الصيد لعام 2008 المذيلة بتوقيع الوزير، التي حصلت «الأخبار» على نسخة منها، على مجموعة من القوانين والاتفاقيات الدولية التي وقّعها لبنان، وعلى اللائحة الحمراء الصادرة عن الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة والمتعلقة بالحيوانات والطيور المهددة بالانقراض.
ولقد حدّد هذا القرار الطيور التي سيسمح بصيدها على الشكل الآتي: الترغل، المطوق، السمن، الفري، الصلنج، والتيان. ويلاحظ من أسماء الطيور هذه أنها سمّيت بأسمائها الشعبية المتداولة، لا بأسمائها العلمية. أما الطيور التي لا يسمح بصيدها، فلقد حددها القرار في مادته الثالثة بأسمائها العلمية ومنها: العويسق، القطقاط الاجتماعي، درسة رمادية، شرشير مخطط، الشنقب (الجهلول) الكبير، جلم ماء فاحم، والسلوى. ومن الواضح أن هذه الطيور التي تسكن في لبنان أو تهاجر عبره غير معروفه بغالبيتها بهذه الأسماء العلمية، لا من جانب الصيادين، ولا من جانب مأموري الأحراج والقوى الأمنية المولجة بمعاقبة وسجن كل من يصطادها أو يلتقطها.
من جهة ثانية، حصلت «الأخبار» على نسخة من مشروع المرسوم الاشتراعي المتعلق بتحديد بوليصة التأمين ضد الغير الإلزامية لكل صياد، الذي من المتوقع أن يطرحه وزير البيئة على مجلس الوزراء في جلسته المقبلة للمصادقة.
ويستدل من هذه الوثيقة أن مفاوضات جرت بين الوزارة وجمعية شركات الضمان بشأن شروط البوليصة، وخصوصاً لجهة الحد الأقصى للتغطية في حال الوفاة، أو الإصابة بعطل دائم. ولقد اقترحت الوزارة في البداية أن يكون السقف 75 مليون ليرة، لكن شركات الضمان أصرت على أن يكون السقف 50 مليون ليرة.
ومن المعلوم أن بوليصة السير الإلزامية ضد الغير حدّدت السقف الأعلى للتغطية في حال الوفاة بـ 75 مليون ليرة. فهل الموت في رحلة صيد أرخص من الموت في حادث سيارة!؟
رئيس جمعية شركات الضمان إبراهام ماتوسيان أكد لـ «الأخبار» أن «شركات التأمين سوف تستند إلى التقرير الطبي لتحديد نوعية الإصابة، لأن البوليصة لن تغطي الإصابات الناتجة من بندقية حربية، حتى لو استخدمت في عملية الصيد». ورفض ماتوسيان الكشف عن سعر البوليصة، لكن من المتوقع أن تحدّد بـ 75 دولاراً أميركياً.