بعلبك ـــ علي يزبك «باتت الحياة في هذا المكان لا تطاق» يقول أبو حسين مراد الذي شيد منزله بجوار مجرى نهر الليطاني الذي أصبح اليوم «مجرى الصرف الصحي» كما يقول غاضباً. فقد تسرب التّلوث، وخصوصاً في بلدة حوش الرافقة، إلى مياه الآبار المحيطة بالمجرى، التي حفر بعضها منذ خمسين سنة وكانت تؤمن مياه الشفة لعشرات المنازل المحاذية لضفة النهر. أما اليوم فقد تغير لونها وصارت رائحتها نتنة وباتت غير صالحة للشرب أو للاستخدام المنزلي.
وتلوث مجرى نهر الليطاني، الذي يبدأ من المنبع في «العلاق»، مروراً بعشرات البلدات والقرى في قضاء بعلبك، ناجم عن تحويل مياه الصرف الصحي إليه، وإلقاء النفايات على أنواعها في مياهه، ما جعله مكباً كبيراً للنفايات. ويقول مراد إن وزارة الطاقة والمياه غضّت الطرف عن تحوّل مجرى النهر لمجرور كبير، بدلاً من إنشاء محطة تكرير على الرغم من الاجتماعات المتكررة مع بلدية المنطقة ومجلس الإنماء والإعمار. أما وزارة البيئة «فغائبة كلياً وكأن ما يجري هنا خارج حدود الوطن».ويضيف: «إلى أين سنذهب؟ فهذا بيتي وأرضي. كانوا يحسدونني على موقعه في الطبيعة ولكن اليوم الجميع يشفق على حالي».
بدوره يؤكد قاسم المقداد أنه بات ينقل المياه بالصهريج من القرى المجاورة بعدما تلوّثت البئر التي تقع على بعد 10 أمتار من مجرى النهر «والمأساة تكبر».
ونتيجة الروائح الكريهة ترك الكثير من المواطنين منازلهم التي شيّدوها قبل انتشار التلوث لصعوبة العيش. من هؤلاء حسن القرصيفي الذي فضل الفرار بعائلته خوفاً من الأمراض «هذه الأمراض أصابت عدداً كبيراً من الساكنين بالقرب من المجرى، لذا استأجرت منزلاً في القرية فربما يكون هناك حل في يوم من الأيام».ويحّمل رئيس بلدية حوش الرافقة رياض يزبك وزارتي الطاقة والمياه والبيئة، مسوؤلية الكارثة البيئة التي تتزايد يوماً بعد يوم. فبعد مشكلة الصرف الصحي جاءت مشكلة معمل ألبان لبنان، لتزيد الطين بلة. حيث لم يلتزم القيمون بالوعد الذي قطعوه بإنشاء محطة تكرير داخل مزارع الأبقار لتخفيف الآثار المباشرة لنفايات المزارع والمصنع، التي تصب جام ضررها على المواطن على طول مجرى النهر من غربي قصر دي فريج وصولاً إلى سهل تمنين التحتا».