رامي زريقيحتفل ليبراليو اليسار العالمي بفوز باراك أوباما في الانتخابات الأميركية. يهنئون أنفسهم بالفوز التاريخي، موجّهين أنظارهم نحو شيكاغو التي هزتها هتافات 130 ألف حنجرة رددت بصوت واحد شعار حملة أوباما: «نعم نستطيع» (التغيير). في هذه الأثناء، تكبر الآمال في بلدان العرب التي تنتظر رئيساًً «مختلفاً» عمن سبقه، ليس بسبب برنامجه الانتخابي في ما يتعلق بالسياسية الخارجية لبلاده، بل فقط لأنه... أسمر البشرة. يغيب عن بال هؤلاء أنه لا علاقة للون البشرة بالمواقف السياسية العادلة، فها هم حكّام العرب، كلّهم سمر البشرة.
نحن أيضاً، في العالم العربي، بحاجة ماسة للتغيير. وقد برهن لنا أوباما أن التغيير ممكن. فهو، بذاته، قد تغيّر من مناصر للقضية الفلسطينية إلى رجل يرى «أن القدس هي عاصمة إسرائيل الأزلية». كما غيّر موقفه من مناهضة الحرب على العراق والمناداة بضرورة انسحاب الجيش الأميركي إلى القبول بالاحتلال، مع بعض التحفظات.
إلا أن القضية الأساسية المطلوبة من أوباما اليوم تتعلق بتحديد الأسلوب الذي سيتعامل به مع مركز القوة الحقيقي في العالم: رأس المال.
فقد صُرفت على حملته الانتخابية أموال طائلة، تفوق مبلغ الـ1.6 مليار دولار، لا بد من أن تكون بعض الشركات العملاقة ورجال الأعمال النافذين قد ساهموا فيها من منطق الاستثمار الطويل الأمد.
في عالم يعاني فيه مليار نسمة الجوع وسوء التغذية، بعضهم من فقراء الولايات المتحدة الأميركية نفسها، وفيما أصبحنا ندرك تماماً أن الجزء الأكبر من مسؤولية الجوع تقع على أكتاف الشركات العملاقة المتعددة الجنسية، لا بد من التساؤل ما إذا كان أوباما سيخفّف من سيطرة هذه الشركات على الغذاء العالمي: إذا كان يريد ذلك.. وإذا كان «يستطيع»...