جبيل ــ جوانّا عازار«ضوِّ العالي وامشِ»، تكاد هذه العبارة تختصر وصيّة الدولة المضمرة للمواطنين الذين يسلكون بسياراتهم طرقاً تسمّى الدوليّة هي الأوتوسترادات الرئيسيّة للطرقات اللبنانيّة. من جسر المدفون شمالاً، مروراً ببلدتي البربارة وعمشيت، مدينة جبيل، الفيدار وحالات حتّى نهر إبراهيم، تغيب الإضاءة مساءً عن الطريق تماماً، بحيث يتعيّن على المواطن أن «يضرب بالرمل» ليحزر مواقع «الجور والمطبّات» التي تعدّ ماركة مسجّلة، قليلاً ما تغيب عن طرقاتنا. ومن المتعارف عليه أنّ الإنارة على الطرقات العامّة مساءً هي شرط من شروط السلامة العامّة. إلّا أنّ دولتنا تأبى إلا أن يسير بلدنا عكس السير، لذا نجده غارقاً وطرقاته في الظلمة. وفي إطار البحث عن الجهة التي تتحمّل المسؤوليّة في عدم إنارة الأوتوستراد، يأتي جواب البلديّات أنّها تتولّى مسؤوليّة إنارة الطرق الداخليّة والفرعيّة، فيما تقع مسؤوليّة إنارة الأوتوسترادات الدوليّة على عاتق وزارة الأشغال العامّة والنقل.
وفي اتصال مع الأخيرة، جاءنا الجواب بعد يومين من المراجعة، أنّ الملاحظة وصلت إلى الوزير غازي العريضي، وأنّه ستُلزّم الطريق لإنارتها مع الوعد بأنه «لا يمكننا أن نعدكم، إن شاء الله خير»، علماً بأنّ الأوتوستراد مجهّز بعواميد الكهرباء، ومصابيح الإنارة تُضاء غالباً في النهار وتُطفأ في المساء. مجلس الإنماء والإعمار أكّد أنّ من صلاحيّاته تأهيل الطرقات وتجهيزها بالإنارة اللازمة، لكن تبقى الطرقات الدوليّة والأوتوسترادات في عهدة الوزارة.
من هنا، الوزارة مدعوّة إلى العمل جدّياً على حلّ المشكلة، وخاصّة أنّ عدم إنارة الطرقات سبب رئيسيّ لحوادث السير، وهي في تصاعد مستمرّ، لافتقار الطرقات إلى مواصفات السلامة العامة.
ويقول تجمّع الشباب للتوعية الاجتماعيّة ـــــ اليازا، على لسان مؤسّسه زياد عقل، إنّ غياب الإضاءة يشمل إضافة إلى الأوتوسترادات عدداً كبيراً من الطرقات، ومنها طريق ذوق مصبح ـــــ جعيتا، طريق فاريّا وغيرهما. من هنا ضرورة العمل جدّياً على معالجة الموضوع لما فيه من تحقيق للسلامة العامّة وتخفيف من نسبة حوادث السير وضحاياها. ويبقى القول إنّ إضاءة المواطنين لمصابيح سياراتهم «العالية» ليتمكّنوا من الرؤية، تعمي الآخرين الذين يجتازون المسلك المقابل من الأوتوستراد، وإن كان الحلّ عند البعض برفع مستوى فاصل الباطون بين المسلكين، بحيث لا يتأثر المواطنون بالضوء الآتي من المسلك الآخر، فإنّ الحاجة تبقى ملحّة لعدم «الترقيع» وللعمل على إيجاد حلّ جذريّ ونهائيّ، وإنارة الطرقات بما يضمن السلامة المروريّة للمواطنين، وخاصّة أنّ المخاطر تتضاعف في فصل الشتاء.