نظّمت جمعية «صلة وصل» ورشة عمل عن «ثقافة الهيب هوب» في بلدة أميون في الكورة ضمّت شبّاناً وشابات تعلموا كيف يكتبون نصوصاً خاصة بهم ويغنونها
مازن السيد
كان مروان، ابن السادسة عشرة، يجد أنّ غناء الراب باللغة العربية بشع جداً، وغير متحضر، لدرجة أنّه كان يطلق عليه صفة «نوري»، لكنّه عشقه حين كتب نصّ أغنية بنفسه، وبدأ يفهم ترتيب الكلمات على الإيقاع أو ما يسمّى الانسياب (Flow). أما سالي التي كانت ترتبك وتخاف كلما أخطأت، فأذهلت الحضور في حفل اختتام ورشة العمل عن «ثقافة الهيب هوب» التي نظمّتها جمعية «صلة وصل» بالتعاون مع مؤسسة الصفدي، معهد غوته وبلدية أميون. فمروان غيّر رأيه بعد أن تعرّف إلى الهيب هوب، وسالي أظهرت طاقة مذهلة على المسرح، ونظَمت كلاماً موزوناً مقفىً ينتقد الوضع اللبناني بنقمة ابنة الست عشرة ربيعاً. أما سابين، ابنة الرابعة عشرة، فكانت فرحتها كبيرة لتمكّنها من تحقيق إنجاز متكامل من بدايته حتى نهايته، عندما كتبت قصيدتها وغنّتها. وعلى غرار سالي ومروان، لم يكن سائر الشباب والشابات الذين راوحت أعمارهم بين 12 و16 سنة، متحمسين كثيراً في البداية لفكرة كانت تبدو غريبة عليهم بعض الشيء، لكنّهم سرعان ما بدأوا يجدون في موسيقى «الهيب هوب» وسيلة فعّالة للتعبير عن هواجسهم ومشاكلهم. فتمحورت كتاباتهم حول الوضع اللبناني وانتقاده، والتشديد على الانقسام الحاصل في البلد.
«كلّهم كانوا مثيرين للإعجاب في اجتهادهم وقدرتهم على الاستيعاب»، يؤكّد الفنان الألماني «كلاوديو» الذي درّب الطلاب على المبادئ الأساسية لرقصة الـ«Break dance». أمّا كلماتهم، فكانت معبّرة عن مكنوناتهم بكل أطيافها، وإبداعاتهم عكست الطاقة العملاقة المختزنة في دواخلهم، كما قال الفنان اللبناني «صابون بلدي» الذي درّب المشاركين على كتابة الأغاني وأدائها.
وكانت جمعية «صلة وصل» قد نظمت ورشة العمل هذه انطلاقاً من أنّ ثقافة الـ«هيب هوب» التي خرجت من الأحياء السوداء الفقيرة في الولايات المتحدة الأميركية لديها الإمكان لأن تتلاقى مع الثقافة العربية.
واستعانت جمعية «صلة وصل» بمجموعة من الفنانين الألمان واللبنانيين المتخصّصين في مختلف فنون «الهيب هوب» للتدريب في جلسات الورش المختلفة، كلّ في ميدان اختصاصه. وعرّف الفنانون المشاركين إلى ثقافة «الهيب هوب» الأصلية بعيداً عن الصور النمطية الخاطئة التي تدور حول العنف والقتل والمخدرات، التي تصلهم من خلال وسائل إعلامية لا تعنى إلّا بالمواد التجارية.
وتوزّع الشباب المشاركون على جلسات مختلفة، كلّ حسب اختياره بين الرقص والرسم والموسيقى. وقدّم المراهقون في نهاية الورشة بمشاركة المدرّبين عروضاً في الرقص وغناء الـ«راب» أمام حشد كبير من أهالي المشاركين وسكان البلدة. كما عرضت مجموعة من الصور وأفلام الفيديو القصيرة التي صوّرها طلاب من جامعة البلمند لورش العمل المختلفة.
وألحّ المشاركون على المسؤولين عن الورشة لتنظيم ورش أخرى مشابهة قريباً كي يطوّر الشباب المعارف التي اكتسبوها خلال أيام قليلة.