عمر نشّابةرفعت السيدات الثلاث رؤوسهنّ لكاميرا المصوّر في مكتب الضابط. عرضت على طاولة مستطيلة بعض الأشياء، قال الضابط المسؤول إنها مسروقات وأدوات الجريمة: حقيبتان نسائيّتان وخمسة خواتم وملابس وتلفونان وورقتان نقديتان، واحدة من فئة 50 ألفاً وأخرى من فئة 20 ألفاً، وسكين وحبال بلاستيكية تستخدم عادة لنشر الغسيل.
وقفت السيدة الأكبر سناً في الوسط وابنتها المبتسمة إلى يمينها وصديقتها المرتعبة إلى اليسار. حدّقت الأم في عدسة المصوّر بطرف عينها طويلاً دون أن تتغيّر ملامح وجهها المرهق. طال التحقيق معها ليل أمس. لكن الضابط سمح للسيدات الثلاث باستخدام حمامه الخاص لغسل وجوههن وترتيب مظهرهن تمهيداً لحفلة التصوير.
وُزّعت الصورة على وسائل الإعلام التي نشرتها على صفحاتها وشاشاتها في اليوم التالي. السيدات الثلاث موقوفات للاشتباه في قيامهن بجريمة سرقة في مدينة النبطية، ولم يكن القرار القضائي بحقّهن قد صدر يوم نشرت صورتهنّ. وسائل الإعلام نقلت الخبر المصوّر: إدانة حاسمة للمجرمات الثلاث. الحكم القضائي بحقهن قد يبرّئهنّ أو يعاقبهنّ بالسجن لمدة أقصاها 5 سنوات، يعدن بعدها إلى المجتمع. غير أن صورتهنّ وهنّ مكبّلات بالأصفاد قد تبقى في أذهان البعض لمدة أطول.
لكن الضابط لم يفوّت المناسبة لعرض عضلاته: تمكّنت الأجهزة الأمنية من حماية هيبة الدولة عبر القبض على عصابة خطيرة. وربما، إذا حالف الضابط الحظّ، قد يتبين لاحقاً، بسحر ساحر، أن للسيدات الثلاث علاقة ما بتنظيم القاعدة أو بخلية الزئبق الأحمر. والدليل أن الأم وابنتها ترتديان الحجاب. وابن عمّتها كان يفكّر في السفر إلى شيراز في الصيف المقبل. لا شكّ أن في ذلك إشارة الى رغبته بمساعدة الإيرانيين على امتلاك السلاح النووي.
أعيدت السيدات إلى غرفة النظارة حيث قد يمكثن أيّاماً قبل إحالتهن إلى القضاء المختصّ. وإذا حالفهنّ الحظّ فقد يتأخر نقلهنّ إلى سجن النساء في بعبدا أو في ثكنة بربر الخازن حيث ظروف الاعتقال لا تتناسب مع المعايير القانونية والإنسانية، وحيث لا فرق بين الليل والنهار.