طرابلس ــ عبد الكافي الصمدفي الخامس والعشرين من أيلول الماضي، أصدرت بلدية طرابلس قرارين، أثارا موجة من التراشق الإعلامي بين مؤيّدين ومعارضين، لا تزال تتفاعل حتى اليوم.
ويتعلق القراران 328 و329 بوضع قطع أرض من الأملاك العامة في طرابلس بتصرّف «جمعية العزم والسعادة» التابعة للرئيس نجيب ميقاتي، و«نادي المتحد» التابع للوزير محمد الصفدي، لبناء ملعبين رياضيين.
فقد كشفت البيانات التي وُزّعت أخيراً، على أبواب المساجد وفي أماكن عامة أخرى، عن أزمة عميقة بين البلدية ورئيسها رشيد جمالي من جهة، وأعضاء معارضين له وبعض الفاعليات الأهلية والمدنية من جهة ثانية.
إلّا أنّ الحفريات التي قامت بها الشركة المتعهّدة بتمديد شبكة جديدة لمياه الشفة ولم تردمها، ملأت شوارع المدينة، لتعمّق الهوة الناشئة بين الطرفين.
دفع ذلك مجموعة من الناشطين، أطلقوا على أنفسهم اسم «اللقاء الأهلي المدني في طرابلس»، إلى توزيع بيان حمل عنوان «بلدية طرابلس تسقط في الحفر»، متهمين إياها «بالتقصير في ملاحقة المتعهد وفي تخفيف الضرر عن أهالي المدينة». كما حمّل أحد أعضاء اللقاء، عزام الولي، البلدية مسؤولية الحفر، لافتاً، من خبرته كعضو سابق فيها، إلى أنّ «تنصّل البلدية بإعطائها تبريرات غير مقبولة تقضي بتعايش المواطنين مع الحفر، يؤكد تخلّيها عن مسؤولياتها في الاهتمام بشؤون المدينة والمواطنين».
أدى تضافر القضيتين إلى تفاقم حالة الاستياء، فقد أتبع اللقاء بيانه الأول ببيان ثان حمل عنوان «بلدية طرابلس تسهم في خراب المدينة»، رداً على القرارين المتعلقين بالحدائق، ما استدعى رداً من البلدية أسفت فيه لأن «ينحدر مستوى الخطاب العام إلى هذا المستوى». في الوقت ذاته، صدر بيانان مؤازران للبلدية، الأول أصدره «تجمّع الهيئات والجمعيات الثقافية والإنمائية في طرابلس»، والثاني من «رابطة جمهور نادي المتحد».
فقد استغرب تجمع الهيئات بيان اللقاء الذي «يستخف بقرار المجلس البلدي، ولكون الاعتراض حمل تجنّياً على قراره تخصيص عقارات لإنشاء ملاعب ذات نفع لطرابلس»، بينما تساءلت رابطة جمهور المتحد: «هل كان البعض يفضّل أن تؤجّر الأرض إليه ليقوم باستثمارها لأغراضه الشخصية حتى يصبح راضياً عما قامت به البلدية؟».
في موازاة ذلك، لفتت البلدية إلى أنّ عهدها هو «عهد العناية الأكبر بالمساحات الخضراء منذ أكثر من 50 سنة»، وتساءلت: «كيف يمكن لأي عاقل أن يصدق أنّ إقامة ملعب دولي لكرة السلة يضم مدرّجات تتسع للآلاف هو خراب للمدينة؟»، معتبرة أن شراكتها مع مؤسسات خاصة هي «لدعم البلدية وإقامة مشاريع تنموية مشتركة».
شراكة انتقد حمزة مفهومها، بإشارته إلى أنه «في المناطق الأخرى تُستملك الأراضي لتنفيذ المشاريع، أما في طرابلس فإن البلدية تجد المبررات لتسليم أراضي الحدائق بالمجان».
كذلك، شدد حمزة على أن «تحركنا يهدف إلى تكريس مبدأ أنّ الأملاك العامة هي ملك للجميع. فالبلدية، باتخاذها هذين القرارين، قد شرّعت التنازل عن الحقوق العامة لمؤسسات خاصة»، مشيراً إلى أنّ ميقاتي والصفدي «هما من أصحاب أعمال البرّ الكثيرة في طرابلس، وليسا بحاجة إلى إنشاء مشاريع تنموية على ممتلكات عامة، وخاصة الحدائق».


الخلاف ليس سياسياً

شدّد العضو في اللقاء، منذر حمزة، على أنّ «الموضوع ليس شخصياً ولا سياسياً بيننا وبين الرئيس ميقاتي والوزير الصفدي. وقد راجعنا الرئيس ميقاتي، فأعلمنا بأنه لم يطلب المشروع من البلدية بل هي عرضته عليه. أمّا الوزير الصفدي، فلم تتسنّ لنا مقابلته رغم أننا طلبنا من مكتبه موعداً. خلافنا معه ليس سياسياً. حتى إننا نقرّ بجهوده التنموية في طرابلس، ونعرف أنه من أنصار توسيع المساحة الخضراء، وقد سبق له أن دعم تحرّك لجنة الحدائق. لكن يبدو أن الرئيس جمالي يتقن فن إيجاد خلاف بين الأطراف المحلية، ويعمل جاهداً لتصوير أي اختلاف في وجهات النظر على أنه أزمة سياسية».