هيثم خزعلأن تجاهر بانتمائك اليساري، فإنك دائماً تدفع الضريبة في بلد الطوائف. لكن أن تكون يسارياً في محل المشروب المتواضع الواقع على طريق الحدث، فإن ذلك سيجعلك زبوناً مدللاً، تحظى بفودكا لذيذة وسهرة خارجة عن المألوف. «أميرة المشروب» كما يسميها الرفيق أبو وديع، صاحب المحل، لا تُعرض بين الزجاجات التي تحمل أسماءً معروفة. الرفيق يخبّئها، كما يخبئ مثيلاتها في مكان خاص، فالكمية محدودة والزجاجة لا تباع إلاّ للرفاق.
كانت صورة غيفارا المطبوعة على قبعة صديقي مفتاح الدخول إلى دنيا الفودكا المميزة. فأبو وديع لا يسمح للرفاق باتخاذ قرارات خاطئة، ولو اضطر إلى التدخل شخصياً وبلغة رفاقية عسكرية. أن تتناول زجاجة من المشروب معروضة في الواجهة أمر غير مقبول، وخاصة أنك يساري صادق وملتزم (أي لست من اليسار الـ Chic). فوراً سيأتيك صوت الرفيق أبي وديع وهو يردد «من إيدك يا رفيق!». لا تسئ الظن بالرجل، إنما هي الروح الرفاقية الصافية تفرض عليه أن يدلل رفاقاً بفودكا ألذ من الفودكا التي يشتريها الزبائن غير اليساريين. لا يقف الأمر هنا. فالمازا ينتقيها أبو وديع «لهذه الفودكا مازتها الخاصة». نصائح أبي وديع مجانية، نصائحه ترتكز عادة على الطريقة الأفضل لكسر الفودكا «أوعى السكر. حامض وثلج فقط!».
تستسلم لخيارات الرفيق دون جدال، هل انتهيت من عملية الشراء، لا تخرج، فالأمر عند «أبي وديع» لا يقتصر على شراء المشروب. في انتظارك حديث شيق في السياسة، وأنغام لأغاني زياد الرحباني التي يزوّدك بها الرفيق مع تمنياته لك بسهرة موفقة. والحق يقال «الفودكا في منتهى اللذة والسلاسة»، والدعوة موجهة إلى كل الرفاق، استسلموا لخيارات الرفيق أبي وديع.