تشعر أثناء حديثك مع «كاملي الأجسام»، أنّك في مطعم للوجبات السريعة. فالخمس قطع والثماني قطع، ليست عدد قطع الدجاج في وجبة ما، بل عدد العضلات المتشكلة في منطقة البطن بجهد الرياضة. تنتهي التمرينات اليومية، ليخرج أشباه المقاتلين الرومانيين إلى حياتهم الاجتماعية. تظن أن حياتهم وكمال الأجسام مرتبطان فقط داخل النوادي. لكن، في الخارج، يبدو الارتباط بين الصورة «المفتولة» لو صح التعبير، و«كاملي الأجسام» أشد ارتباطاً. تبقى الصورة ضمن المعقول إلى هنا. لكن الغرابة تظهر سريعاً حين يصبح حجم العضل، أو قياس الأوراك، معياراً يحدّد علاقاتهم بالمجتمع، وخصوصاً بالجنس اللطيف.يفضّل محمد هاشم (25 عاماً) أن يحصل اللقاء في النادي، حيث «أرتاح أكثر بالكلام». بدأ هاشم منذ 8 سنوات بممارسة هذه الرياضة التي تركت أثرها في عضلاته، وأيضاً في طريقة تفكيره. لا تستطيع إيقاف ضحكته حين يهمّ بالحديث عن بداياته، فالوقوف «غصباً عنّي» أمام مرآة النادي لفحص تطور حجم العضلات يثير الضحك، مع أنّه تصرّف يقوم به كل مبتدئ في هذه الرياضة». يصمت، ويشير إلى بعض «الصيصان» أي الجدد في النادي قائلاً «كنت هيك لما بلشت». ولكن ما هي حدود توخي «الكمال» بالأجسام؟ يشير هاشم إلى أنّ الأمور تصل ببعض المريدين إلى حد الوقوف أمام زجاج السيارات في الطريق للتأكد من جمالهم دائماً. لكن ثمّة «فيزكجيين» لا تستهويهم المرايا، فيختبرون جمالهم ميدانياً، كما يفعل عماد يوسف (23 عاماً)، الذي يربط بين كمال الأجسام و«صيد الحريم» في المسابح. يشير يوسف إلى نوعين من «كاملي الأجسام» موجودين في المسابح. الأول يعتمد على جسم مفتول «يشدّ جزءاً لا بأس به من الصبايا، حتى المتزوجات منهن». أما القسم الثاني، فهو من يبالغ في تنمية عضلاته حتى يصبح مظهره ضخماً لدرجة، يكون فيها حجم عضل الزند متساوياً مع حجم عضل منطقة الصدر. يحيل عماد الحديث عن العلاقات مع الجنس اللطيف إلى زميله محمد ماجد، فهو «بيشرحلك أكتر منّي».
لم يخيّب محمد ظنّ زميله، وبدأ بشرح تفاصيل العلاقات. يتّكل تواصل كاملي الأجسام مع حوّاء على «جمال وقوة لا يتوافران في غيرنا من الذكور»، يقول محمد مفتخراً. يتابع حديثه قائلاً «نعتمد الآن على الإنترنت كثيراً لإنشاء العلاقات»، مشيراً إلى أن هذه العلاقات تبدأ افتراضية، وتتحوّل إلى واقعية مع الوقت.
يلفت محمد إلى أنّ أهداف مصائده «المخضرمات» اللاتي تبدأ أعمارهن من أواخر العشرينيات، وتصل أحياناً إلى أواخر الثلاثينيات «إذا كانت بتستاهل». لا يستغرب حين تحدّثه عن فتيات لا يعجبهن شكله، وأنّه ليس جميلاً بعيونهن، فيضع رأيهن على الفور في خانة المراهقة و«حب الولاد يا زلمي»، فما عليّ إلا أن «إسأل أي بنت ناضجة، ستقول لك العكس». يتفاجأ حين تزفّ له نتيجةً لا تتطابق مع رأيه كلّياً، لكنّه سرعان ما يخفي دهشته تحت ذريعةٍ مفادها «روح يا زلمي، بيحبّو القوّة والجمال بالفرشة، الفزكجي متل النار»، وهو حين يقول كلمته تلك، يمشي، كما قال الريحاني ولكن نحو آلة التمرين في زاوية النادي.

م. م.