في الشرع الإسلامي، لا يحتاج المتزوجان إلى تسجيل زواجهما في المحاكم الشرعية لكي يكون العقد بينهما ساري المفعول. أما في القانون الوضعي، فلمحكمة الجنايات في الشمال رأي آخر، إذ إن «الزوجة» قاصر
طرابلس ـــ خالد سليمان
طرح قرار محكمة الجنايات في طرابلس (المؤلفة من الرئيس منير عبد الله وعضوية المستشارين حسام النجار وبسام الحاج) علامة استفهام عن شرعية الزواج الذي يعقد بين شخصين من دون إتمام الإجراءات المفروضة قانوناً وشرعاً، كما في حالة «الخطيفة» المنتشرة بكثرة في مجتمعنا.
وفيما رأى الشيخ ع. ك. أن عقد الزواج الذي أجري بين شاب وفتاة قاصر (دون 15 سنة) هو زواج صحيح من الناحية الشرعية، على أن تقدم الفتاة كتاباً إلى الأمن العام كونها من التابعية السورية، رأت محكمة الجنايات في طرابلس أن هذا العقد «لا يُعدّ عقد زواج، بدليل ما جاء صراحة فيه من أن زواج المتّهم من القاصر لا يُعدّ قائماً إلا بعد تنظيم عقد والاستحصال على الإذن الشرعي».
وفي الوقائع التي ذكرها القرار أن السيدة ل. س. أفادت لدى حضورها إلى فصيلة درك التل في طرابلس بأن ابنتها القاصر غادرت المنزل بحجة الذهاب إلى عملها، إلا أنها لم تتوجه إلى هناك ولم تعد إلى المنزل. وأعربت السيدة عن اعتقادها أن الشاب و. ل. اختطف ابنتها لأنه حضر أكثر من مرة طالباً الزواج منها، وكان يواجه برفض من الأم نظراً لسمعته السيئة، وأنه كان يهدد بأنه سيأخذ القاصر بالقوة ويتزوجها.
وأفاد خال الفتاة بأن والد الأخيرة أرسل له وكالة من سوريا تجيز له إتمام معاملات زواج ابنة أخته من المتهم، حسب الأصول القانونية والشرعية، وأن الشيخ الذي عقد القران زوّده بطلب إلى المديرية العامة للأمن العام لأجل نيل الموافقة، إلا أنه (الخال) لم يتقدم بالطلب.
أما الفتاة س. ن. فأفادت بأنها تزوجت من المتهم بملء إرادتها لوجود علاقة حب تجمع بينهما، وأنهما قصدا الشيخ برفقة خالها الذي نظّم لهما الكتاب لأجل تقديمه إلى الأمن العام بغية تسوية وضعها، كونها سورية الجنسية. وبعد ذلك، حصل الزواج بينها وبين المتهم.
أما المتهم فكرر ما قالته س. ن. وأضاف أن الشيخ نظّم لهما عقد زواج «براني» (من دون تسجيله في المحاكم الشرعية أصولاً). وعلى أساسه حصل الزواج، بانتظار أن يقدم الخال الكتاب إلى الأمن العام.
وتبين من محتويات الكتاب المنظم من الشيخ ع. ك. حصول اتفاق على الزواج بين المتهم والقاصر س. ن. بحضور خال الأخير الحائز توكيلاً من والدها لأجل إتمام معاملات الزواج. وجاء في الكتاب أنه يلزم لإجراء العقد والحصول على إذن شرعي وإتمام بعض الإجراءات.
محكمة الجنايات رأت أن ما قام به المتهم يُعدّ «مجامعة لقاصر وليس زواجاً صحيحاً»، إذ كان عليه الاستحصال على الإذن الشرعي وتنظيم عقد زواج مستوفي الشروط المفروضة قانوناً. وبناءً عليه، قضت بتجريمه بجناية المادة 505 من قانون العقوبات، وإنزال عقوبة الأشغال الشاقة به مدة 3 سنوات، وخفض هذه العقوبة تخفيفاً إلى سنة واحدة حبساً، على أن تحسب له مدة توقيفه الاحتياطي (ثمانية أشهر وسبعة أيام).
تجدر الإشارة إلى أن المادة 505 من قانون العقوبات، الواردة تحت عنوان «الجرائم المخلّة بالأخلاق والآداب العامة» على الآتي: «من جامع قاصراً دون الـ15 من عمره عوقب بالأشغال الشاقة المؤقتة. ولا تنقص العقوبة عن 5 سنوات إذا كان الولد لم يتم الـ12 من عمره. ومن جامع قاصراً أتم الـ15 من عمره ولما يتمّ الـ18 عوقب بالحبس من شهرين إلى سنتين».