داني حدادتعود تسمية نهر الموت الذي يقع على الساحل الشمالي لمدينة بيروت إلى أكثر من قرنٍ مضى. لكنّه لم يستحقّ هذه التسمية يوماً كما يفعل الآن. تبدو حالته مزرية ومزمنة في آن واحد، فالمجرى الذي يشهد تعديات عدة تحوّل مسلكاً لمياه المجارير وأوساخ المسالخ والمصانع، وزاده بناء جسر محوّل نهر الموت ــ رومية الذي جرى وصله بأوتوستراد المتن السريع، مصيبة على مصائبه السابقة. وكان المدير العام للموارد المائية فادي قمير قد تفقد منذ عامين تقريباً الموقع، وحكى لرؤساء البلديات عن وجود دراسة لمشكلة الأنهر في لبنان، لكن الدراسة لا تزال حبراً على ورق.
إلا أن المياه المبتذلة التي تفوح رائحتها الكريهة في المنطقة، وخصوصاً في ساعات الليل، لم تسلك طريقها إلى مجرى النهر فحسب، بل أيضاً إلى الطريق العام، حيث تشير مصادر في بلدية بيت مري ــ عين سعاده إلى أن أكثر من 1200 مسكن موزّعة على أبنية عدّة في منطقة تلال عين سعاده تفتقد شبكة للصرف الصحي، ما يؤدّي، وفق أحد سكان المنطقة، إلى تسرّب المياه المبتذلة إلى الطريق العام، وتصاعد الروائح الكريهة بدون أي معالجة لهذا الأمر. وتتداخل هذه الروائح مع تلك الناتجة من وجود عددٍ من المسالخ ومزرعتين للأبقار في دائرة جغرافيّة صغيرة. وإذا أضفنا إلى ذلك وضع الطريق المليئة بالحفر، التي تفتقد أقنية لتصريف المياه لأمكن إعلان المنطقة منكوبة.
وكان النائب إبراهيم كنعان قد قام أمس بجولة على موقع مجرى النهر الملوّث، والمنطقة المتضررة من تسرّب مياه الصرف الصحي، يرافقه رئيس بلديّة الجديدة البوشرية السدّ أنطوان جبارة، وممثلين عن البلديات ومخاتير، واطّلع من الأهالي على معاناتهم. كما أجرى اتصالين مع وزير الأشغال العامة غازي العريضي، ورئيس مجلس الإنماء والإعمار نبيل الجسر على أن يلتقيهما اليوم للبحث في عددٍ من القضايا الإنمائيّة المتنيّة، كاشفاً عن وجود دراسة منجزة لتنفيذ شبكة للصرف الصحي في المتن تأمّن تمويلها البالغ 40 مليون يورو من جهات خارجيّة، إلا أن إعداد شروط التلزيم لم يجرِ حتى الآن. وأكّد كنعان لـ«الأخبار» متابعة هذه القضيّة، وخصوصاً أن حجم المشكلة الحاصلة في نهر الموت ومحيطه أكبر من أن تنتظر أشهراً أخرى لتلزيم المشروع. من جهة أخرى، لفت مختار عين سعاده منصور عون لـ«الأخبار» إلى أن عدم إنشاء شبكة الصرف الصحي أدى إلى جريان المياه المبتذلة على الأرض والتسبّب بانتشار الميكروبات بين المنازل. وأكد الأمر نفسه رئيس بلدية الجديدة انطوان جبارة.
ولكن ما لم يقله أيّ من المسؤولين عبّرت عنه نور، ابنة الخمس سنوات، التي رافقت والديها إلى موقع الجولة وقد سدّت أنفها الصغير لدقائق!