هل يوقّع لبنان اتفاقية حظر القنابل العنقودية في 3 كانون الأول المقبل بعدما شارك بفعاليّة في صياغتها؟ الإجابة رهن موافقة الحكومة التي دونها تحفّظات حزب الله على جدوى دخول لبنان اتفاقية لم توقّعها ولن تلتزم بها إسرائيل
بسّام القنطار
منذ أن انطلقت «مبادرة أوسلو» في شباط 2007 والتي هدفت إلى معاهدة دولية لحظر القنابل العنقودية بحلول نهاية 2008، انخرط لبنان بفاعلية في صياغة هذه الاتفاقية الدولية.
الحماسة الدبلوماسية اللبنانية غير المسبوقة في صياغة معاهدة دولية طبيعية بعد «استضافة» الأراضي في جنوب لبنان ما يزيد على 4 ملايين قنبلة عنقودية ألقتها إسرائيل خلال عدوان تموز 2006،

جلّها في الأيام الثلاثة الأخيرة.
ورغم إعلان وزير الخارجية فوزي صلوخ أن مجلس الوزراء سيتخذ التدابير الآيلة لتوقيع لبنان رسمياً على الاتفاقية في 3 كانون الأول المقبل في أوسلو، إلا أن الأمر لم يحسم، وخصوصاً أن موقف حزب الله من الاتفاقية ينطلق من معادلة «أن أي اتفاقية دولية لا تكون ملزمة لإسرائيل، من غير المجدي أن يوقّع عليها لبنان ويلتزم بها».
ومن المعلوم أن لبنان رفض في عام 1997 دخول اتفاقية حظر الألغام الأرضية المضادة للأفراد التي اعتمدت في أوتاوا ـــ كندا، وذلك خوفاً من أن تستغل إسرائيل هذا التوقيع ضد المقاومة في لبنان لاستخدامها العبوات الناسفة بشكل واسع النطاق في العمليات العسكرية قبيل انسحاب إسرائيل في 25 أيار 2000.
ورغم نفي حزب الله المتكرر لاستخدامه القنابل العنقودية ضد إسرائيل في تموز 2006، إلا أن تقريراً لمنظمة «هيومن رايتس واتش» تضمن إدانة لاستخدام حزب الله «صواريخ تحتوي كريات معدنية مصممة لإصابة الأشخاص». ولقد استخدمت إسرائيل والدول والمنظمات غير الحكومية التي تدور في فلكها، هذا التقرير للقول إن «كلا الطرفين استخدما قنابل عنقودية خلال هذه الحرب».
ولقد شهدت المؤتمرات التي عقدت لصياغة الاتفاقية في البيرو والنمسا ونيوزيلندا وإيرلندا مفاوضات كثيفة كان لبعثة لبنان الدائمة في الأمم المتحدة دور أساسي فيها. ولقد أسهمت البعثة اللبنانية برئاسة السفيرة نجلاء عساكر في المساهمة في الاتفاق على نصّ نهائي للمعاهدة تخطّى كل التوقعات لاحتوائه صياغات وأحكاماً قوية.
ويشير مصدر دبلوماسي في الخارجية تابع مسار الاتفاقية، إلى أنه رغم مقاطعة إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية لـ«مسار أوسلو» إلا أن ملائكتهما كانت حاضرة بقوة في أروقة الاجتماعات وفي المفاوضات. ولقد نجحت الدول الأوروبية في تمرير فقرة في المادة الأولى من الاتفاقية تقول «مع مراعاة ما يقتضيه اختلاف الحال على القنيبلات المتفجرة المصممة خصيصاً لتنثر أو تطلق من جهاز نثر مثبت على طائرة»، الأمر الذي جعل الاتفاقية تطال 95 ــ 98% من الذخائر العنقودية فقط.
ويشير المصدر الدبلوماسي إلى أن لبنان قام بدور مؤثر في مؤتمر ويلنغتون ـــ نيوزيلندا في شباط 2008 حيث نجح بإقناع 40 دولة مشاركة في الاتفاقية على ضرورة عدم إضافة أو تعديل أي بند على المسوّدة التي تم التوافق عليها في المؤتمرات السابقة.
ويشير المصدر إلى أن الجهد اللبناني انكبّ أساساً على المادة الرابعة من الاتفاقية التي تتضمن الأحكام المتعلقة بإزالة مخلفات الذخائر العنقودية وتدميرها. ولقد تركز الاهتمام اللبناني على أن تطال أحكام هذه المادة تصرفات إسرائيل السابقة ضد لبنان.
ويختم المصدر «من المفيد أن تعلم جميع الأطراف السياسية اللبنانية أن دخول لبنان هذه الاتفاقية مكسب دبلوماسي غير مسبوق، ويحق لنا أن نفتخر بأننا أسهمنا في صناعة هذه الاتفاقية. أما عن هواجس حزب الله فيجيب «لا أعتقد أن المقاومة استخدمت قنابل عنقودية سابقاً، ومن غير المجدي استخدامها مستقبلاً. الأولوية اليوم لإدانة إسرائيل وتقييد استخدامها لهذه القنابل.


إيران والتمويل

مطلع العام المقبل ستبقى القنابل العنقودية محتلة لـ12.5 مليون متر مربع من الأراضي الجنوبية، 25% منها تستخدم للزارعة. وتقول مديرة البرامج في منظمة «ماغ» كرستينا بينيك إن عمل فرق نزع الألغام سينخفض إلى 25% عما هو عليه حالياً بسبب نقص التمويل. وتضيف «لا نستطيع أن ننتظر انعقاد مؤتمر للمانحين. علينا أن نطلق حملة تبرعات واسعة النطاق. ويبقى السؤال، لماذا ترفض الحكومة اللبنانية العروض المتكررة للهيئة الإيرانية للمساهمة في إعمار لبنان لاستقدام فرق نزع متخصصة؟