بيار الخورييكثر الكلام عن الحياد، وهو يوضع ضمن فلسفة «اللاموقف»، ويُترجم بالسكوت إما خوفاً أو إحراجاً، وهذا يناقض مبدأ الالتزام بالحقيقة. لا يمكن أن يكون هناك حياد إلا ضمن إطار. أولاً: عدم القدرة على تحديد الحقيقة. فمثلاً في موضوع الاغتيالات، يجب أن نكون حياديين في اتخاذ المواقف منها. ففي أوقات الحقيقة الناقصة يصبح الحياد مؤقتاً وتصبح الحقيقة في ظلال الانتظار. ثانياً: لا يمكن أن نبني وطناً على أنقاض مشاكل الآخرين. الحياد ضروري خارج حدود الوطن، لأن ما يعنينا هو وطننا بكيانه وحدوده وليس حقيقة «وطنهم». الحياد له ثمن في بعض البلدان الديموقراطية، حيث يفرض على المواطن غرامة مالية إذا لم يقم بعملية التصويت الانتخابي. في لبنان ممكن للحياد أن يكون مبرراً لأسباب عديدة. أولاً: التفلت الإعلامي، فالخبر الذي ينقل عبر الصحف ووسائل الإعلام يوجه حسب المزاجية السياسية للمحطة أو الصحيفة. فالموضوعية غائبة، مما يجعل المواطن في موضع البحث الدائم عن الحقيقة من دون أن يجدها. ثانياً: في بلد يكثر فيه العلم وتقل فيه الثقافة، يصبح الفرد فيه خارج عالم المعرفة والبحث اللازمين لتكوين المواقف والمبادئ وحتى الأيديولوجيات اللازمة لانطلاق المواقف. ثالثاًَ: تكويننا في عالم اللادولة، حيث العدالة شبه غائبة والمواطن مثقل بهمّ أمنه وسلامته. وهنا يستوقفني قول لبونابرت: «لا أخاف إلا من ربي ومن قاضي التحقيق». ففي بلد تغيب عنه العدالة، يصبح الحياد هو المخرج الوحيد أو الممر الأسهل لتفادي الوقوع في الخطأ. وأخيراً لا بد من القول إنّ حجم الحياد أو نسبته يحددان بحسب انقشاع رؤية الحقيقة.