مروان صافيماذا يحدث في هذا العالم، أو بالحري ماذا حدث؟ قد تختلف الآراء في التقويمات والتحليلات السياسية، ولكن كل شعوب الكرة الأرضية متفقة على أنه آن الأوان للتغيير، والتغيير الإيجابي.
هذا الشعار الذي حمله ويحمله إلى البيت الأبيض أول رئيس أسود، وهو يقتحم أكبر القوى التي حكمت العالم وأعتاها. فرأس المال المتوحش قاوم بضراوة وصول هذا الرجل إلى سدة الرئاسة الأولى. ومن المعلوم أن باراك حسين أوباما يحمل في جذوره تراث الإسلام والمناخات المتطورة للجنس الأسود، وهو توصل إلى ما وصل إليه بفضل هذه الجذور التي ينتمي إليها. وقد يقول قائل إنه كغيره لأن الذي يحكم أميركا هو النظام الأميركي المحروس بقوى البنتاغون وكبار أصحاب الرساميل الكبرى والمملكة الإعلامية العالمية وتلك الأجهزة التي تمثّل الدولة مما يؤدي إلى جعل الرئيس كأنه ببغاء ناطق. والناظر لأول وهلة إلى تلك الشخصية الفريدة يستطيع إدراك أن أوباما لا يمكن أن يكون من هذا الطراز.
من نظرة واحدة إلى عيونه تجعلك تظن أنه يقول: أمامي عقبات كثيرة وإرث ثقيل. صراع عالمي يدور ليكون العالم مرتكزاً على أربعة أضلع هي أميركا وروسيا وأوروبا والصين. لذلك فإن المعركة المقبلة هي مع الحد من آثار الانهيار الاقتصادي العالمي، وهذه معركة سوف تطيح النظام الرأسمالي المتوحّش، الذي لا بدّ منه أنه سوف يأتي من رحم هذا النظام وليداً جديداً يقود هذا العالم نحو عالم أكثر عدالة وأكثر حقاً. عالم تحكمه القيم الإنسانية مما يوجه الإنسان لمواكبة روح العصر والاكتشافات العلمية والاختراعات. قد يكون هذا الرجل استثناءً في تاريخ الأمة الأميركية، أو لعله ظاهرة لن تتكرّر، فهو من جذور أفريقية، ومن لا يعرف تلك الجذور وكم قاست وعانت في تاريخها العنصري الأبشع في تاريخ البشرية؟
كما أنّه من والد مسلم، ما يدفعه إلى معرفة أصول هذا الدين السموح الذي استغلّه أبشع استغلال جورج بوش، وجعله حالة صدام دائمة مع الغرب. لقد عايش أوباما زمن الاضطهاد العنصري والعرقي وأدرك مدى الآلام والأوجاع التي تعرض لها أقرانه السود أو الآسيويّون، في بلاد كانت تنادي بالديموقراطية والعدالة.
لون بشرة هذا الرجل كان دافعاً له لأن يتخطى الحواجز، ويحطّم السدود التي تقف أمامه. استطاع بفضل صبر عجيب وكاريزما خاصة أن يتبوأ المركز الأخطر في العالم، بعدما استطاع أن يقنع الرجل الأبيض بأنه الرجل المناسب في الزمن المناسب والمكان المناسب.
نجح أوباما في السباق المحموم. تبقى أمامه تركة ثقيلة للغاية ورثها من الجمهوريين، الذين حاولوا تفصيل العالم على مقاسهم وانخرطوا في حروب وراء القارات والمحيطات وذاقوا لوعة الهزيمة والخسارة نتيجة سوء إدارتهم. كما أنهم أورثوه أزمة اقتصادية تهز العالم، وتفرض جواً من الركود. إضافة إلى أنه يرث تعقيدات الشرق الأوسط والصراع العربي ــ الإسرائيلي.
إنّه بداية لعالم جديد يسود فيه العدل والسلام، لأن الإنسان ــ هذا المخلوق التعس ــ يحتوي في أعماقه كل أسس العدل والسلام، والأحرى بنا نحن شعوب الأمة العربية أن نكون سبّاقين في تحقيق العدل والسلم، وفقاً للقوانين الدولية وقرارات مجلس الأمن، التي تؤدي إلى إعطاء الشعب الفلسطيني المناضل حقه في دولة سيدة على أرضه في فلسطين، وخصوصاً أن هناك ما يساعده على تحقيق ذلك، وهو هذه الظاهرة التي تتمثل بشخص أوباما.