فؤاد خشيشالإعلان ضرورة للتجارة، هذا مفهوم. لكن ما هو غير مفهوم انتشار اللافتات والإعلانات بهذا الشكل العشوائي والفوضوي غير المنظّم في معظم المناطق. ولا تقتصر الفوضى على شكل الانتشار، بل تتعداه إلى المضمون. خذ مثلاً اللغات التي تستخدمها اللافتات. تتنوّع هذه اللغات ما بين العربيّة والأجنبيّة، لا بل لغة الإنترنت أيضاً. ما يزيد الطين بلّة، أنّ اللافتات توضع كأنها يزاحم بعضها البعض الآخر على المكان لا على المستهلك. فلا مكان في المبنى الواحد للتمييز ما بين «آرمة» تدل على وجود صيدلية وأخرى مخصّصة لمحل بيع الهواتف الخلوية وثالثة قد ترشدنا إلى مركزٍ طبي أو ما شابه. فوضى لا مثيل لها، تشوّش على الغرض الذي وضعت اللافتات من أجله، أي لفت انتباه المستهلك إلى شيء ما، وهي مضحكة ومحزنة في الوقت نفسه، وقد لا تنفع فيها أية تدابير ما عدا الإزالة التامة..
لكن لا يبدو أنّ الحلول قريبة، رغم إدراك المسؤولين لخطورة المشكلة. وهنا، يلفت رئيس اتّحاد بلديات الضاحية، رئيس بلديّة الغبيري محمد سعيد الخنسا، إلى «أنّ البلدية تدرك أهميّة هذا الأمر، وهي تتابعه بكل جدية لمنع تفاقم هذه الحالة التي أصبحت مستشرية». ويتابع الخنسا حديثه عن شروط وضع الآرمات، مشيراً إلى «أنّ هناك عدّة أنواع من الآرمات، وهي تختلف بحسب أماكنها، المصنّفة ما بين صناعية وتجارية، ويجب أن تستوفي هذه الآرمات الشروط الهندسية». ويعزو الخنسا الفوضى الموجودة في هذا المجال، وخصوصاً في الضاحية الجنوبية التي تكاد تختفي ملامح أبنيتها من كثرة الآرمات، «إلى الحرب وتراكماتها، حيث تكاثرت المحال بشكلٍ لافت، ومن دون تنظيم»، الأمر الذي راكم المسؤوليات على بلديّة الغبيري، التي تضطرّ اليوم إلى تحمّل عبء الإهمال الرسمي وإهمال الأجهزة الأمنية. أمّا المشكلة الأبرز التي تواجهها بلديّات الضاحية في عملها، برأي الخنسا، فـ«هي أنّ معظم المناطق القديمة لم نستطع حلّ أزمتها، أمّا المناطق الحديثة كالجناح وبئر حسن على سبيل المثال، فنحن الآن نتابع هذا الأمر جدّياً، بحيث تمكنّا من تنظيم عمليات انتشار الآرمات والبانوهات فوق المحال والشوارع، وتعمل شرطة البلدية على قمع كل المخالفات وتنظيم المحاضر للمخالفين، بالتعاون مع الأجهزة الأمنية المعنية». وفي جميع الحالات، لا يجد الخنسا حلّاً سوى حملة قمع المخالفات التي تقوم بها عناصر شرطة البلديّة والقوى الأمنيّة في أماكن محدّدة في الضاحية، وكلّ ذلك بانتظار وعي الدولة لخطورة هذه المسألة، وخصوصاً في الضواحي التي تسكنها الفوضى في كلّ شيء، لا في الإعلانات وآرمات المحال التجاريّة فقط.