عمر نشّابة زار أخيراً وفد لبناني رفيع ترأسه وزير الداخلية والبلديات العاصمة السورية دمشق وعقدت اجتماعات بين الجانبين أدّت الى فتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين. ولقيت الزيارة ترحيب شرائح واسعة من الشعبين اللبناني والسوري إذ إن العلاقات المتوترة بين الدولتين خلال السنوات الماضية كانت مؤذية ومنافية لقواعد حسن الجوار وأدّت الى مصائب دون جدوى كان ممكناً اجتنابها.
وزارتا الداخلية في البلدين اتّفقتا على التنسيق المؤسساتي وفق المعاهدات الدولية التي تربط بين الدولتين العضوين المؤسسين لجامعة الدول العربية ومنظمة الأمم المتحدة، كما اتفقت المؤسستان على الالتزام بالتعهدات التي كان قد أقرّها مجلس النواب اللبناني ومجلس الشعب السوري في إطار تحديد العلاقات بين البلدين والتي انبثق عنها المجلس الأعلى اللبناني السوري.
زيارة دمشق أتت في هذا السياق وتطلّبت قدراً عالياً من المسؤولية القانونية والبروتوكولية ومعرفة دقيقة في نصوص المعاهدات الرسمية.
«مش مهم مين راح عالشام». فالأمر لا يتعلّق بالأشخاص بل بالمؤسسات وبتطبيق نصّ القانون. صحيح أن الوزير زياد بارود محام وأكاديمي وأستاذ في القانون في الجامعة اليسوعية، غير أنه زار دمشق ليكون واجهة الجمهورية اللبنانية التي يفترض أن تحكمها المؤسسات لا الأشخاص. الجمهورية اللبنانية التي تآكلتها عبر السنين الأجندات السياسية الخاصة لبعض المسؤولين وعصبياتهم الفردية.
المباحثات الثنائية للوفدين الرسميّين أسّست لجولات مباحثات لاحقة، غير أن بعض نواب الاكثرية النيابية رأوا أن زيارة وزير الداخلية الى الشام «مخيّبة للآمال». إذا كانت للأكثرية النيابية اعتراضات على التنسيق اللبناني السوري بحسب المعاهدات الثنائية فلتتحرّك وتقدّم اقتراح إلغاء أو تعديل هذه المعاهدات في المجلس التشريعي. أما إذا كان الشأن يتعلّق بشخص الوزير بارود فلا فرق بين ذلك وبين الاحتمال الأول إذ إن الرجل يعمل وفق النصّ ولم يخصّص مكاناً لأهوائه السياسية.
لا قيامة للجمهورية اللبنانية بدون العودة الى المؤسسات التي يحكمها النصّ القانوني في أبسط وأصغر تفاصيل عملها. أمس اجتمعت لجنة تحديث القوانين، فهل شمّر المجتمعون أكمامهم؟