لم يكن وقع اعتراف المشتبه في قتل الصراف جعفر الأمين برداً وسلاماً على أهل القتيل وعارفيه، لا لأن الاعتراف لن يغيّر ما وقع، بل لأن من اعترف مشتبه في ارتكابه جريمة سابقة لم يُعاقَب عليها
شقرا- داني الامين
اعترف حسن ب. (31 عاماً) بقتل الصراف جعفر الأمين (37 عاماً من بلدة شقرا الجنوبية) في كفردونين يوم 10 تشرين الثاني الجاري. إلا أن ذلك لم يخفف من وقع الجريمة على عائلة جعفر وأصدقائه. ويرى عدد كبير من أهالي شقرا أن المشتبه فيه كان يجب أن يكون في السجن قبل مقتل جعفر. قبل نحو 6 أشهر، كان حسن ب. ناظراً في معهد تربوي في الجنوب، ومندوب المعهد لدى الضمان الاجتماعي، ومعتمد قبض الأجور. ويتهمه عدد كبير من عارفيه بأنه اختلس جزءاً من أجور زملائه، قبل أن يفتضح أمره. وطردت إدارة المعهد الناظر من عمله. ويُقال إن انتماءه السابق إلى أحد التنظيمات السياسية النافذة في المنطقة أدى إلى عدم الادّعاء عليه أمام المحاكم لينال جزاءه.
ما يفترضه عارفو جعفر والمشتبه فيه بقتله أن توقيف الأخير بعد الاختلاس كان سيمنعه من قتل الأول. وبعد الجريمة، عثرت دورية من فصيلة الدرك في تبنين على كيس مدفون قرب منزل أهل المشتبه فيه، وفي داخله مبلغ من المال والشيكات المصرفية قدِّر بنحو 59 مليون ليرة، ونحو 176 بطاقة هاتفية مسبقة الدفع، ومسدس من نوع توغاريف. بعد ذلك، اعترف حسن بقتل جعفر. وقال خلال التحقيق إنه تعرّف إلى الصيرفي جعفر الأمين منذ مدة طويلة، واستطاع إقناعه بإقراضه مبلغ 40 مليون ليرة لبنانية، بواسطة شيكات مسحوبة على أحد البنوك التجارية، ومن ثم بدأ التخطيط لقتله بهدف السرقة. اعترف حسن بأنه أقنع القتيل بتأمين زبون لشراء سيارته، وحدد موعد اللقاء مع الزبون المفترض في وقت يكون فيه الصيرفي قد أنهى عمله وأخرج المال من الخزنة للذهاب به إلى منزله في بلدة شقرا. وكان له ما أراد. عند المغيب، أقفل جعفر محله، واستقل سيارته التي قادها حسن، على أن يمرّا ليودع جعفر المال في منزله، ومن ثم الانطلاق مجدداً إلى من يريد شراء السيارة. في الوقت عينه، كان المشتبه فيه بحسب اعترافه قد جهّز مسدسه الحربي. وعند الوصول إلى مدخل بلدة شقرا، استغلّ فراغ المكان من المارّة فأطلق النار بسرعة على رأس الأمين الذي قتل على الفور. ثم توجه مسرعاً بالسيارة إلى بلدة كفردونين، قاطعاً مسافة أكثر من 10 كلم، وتوقف بالقرب من أحد الأماكن غير المكشوفة للمارة، وسرق حقيبة المال وهرب إلى سيارته الخاصة التي كان قد أخفاها في مكان قريب. ومن هناك، توجه إلى منزل ذويه. وأضاف المشتبه فيه أنه توجه إلى حقل مجاور للمنزل حيث دفن الأموال التي كانت في الحقيبة مع المسدس. وبعد ذلك، أحرق ثيابه والحقيبة.
الجريمة أحدثت قلقاً كبيراً لدى أهالي منطقتي بنت جبيل ومرجعيون، وخاصة أن محافظتي الجنوب والنبطية تسجلان، مجتمعتين، المستوى الأدنى من الجرائم الجنائية مقارنة بباقي المحافظات اللبنانية. وقد تجمّع صباح أمس العشرات من أهالي شقرا والجوار في مكان الجريمة، وينتظرون اليوم تمثيلها.
وكانت «الأخبار» قد نقلت أمس عن مصدر في قوى الأمن متابع للتحقيقات الاولية مع المشتبه به أنه حاول الادعاء أن جريمته سببها خلاف مادي مع المغدور، وهو الأمر الذي تبيّن أنه غير صحيح، وخصوصاً أن المغدور معروف بين أهله وأبناء منطقته بأنه لم يكن على خلاف مع أحد، وأن عمله كان يقتصر على أعمال الصيرفة دون سواها.
الإجراءات القضائية بدأت، ومن المنتظر أن تصل إلى خواتيمها التي ستقررها المحكمة. لكن هذه الجريمة تطرح علامات استفهام حول بقاء عدد كبير من المشتبه فيهم أحراراً، إما بسبب وجود تغطيات سياسية على بعضهم، وإما لأن الأمور تُعالج في بعض القرى على قاعدة «أهليّة بمحليّة».