إيلي شلهوبانتهت مسرحية «الحوار الفلسطيني» قبل أن تُعرض حتى. المخرج المصري فشل في انتزاع موافقة الممثلين على السيناريو. عجز عن جمعهم على خشبة واحدة. أراد انتزاع مشهد يؤدّي فيه أبو مازن دور البطولة، وترك الباقي للارتجال. كان يراهن على ما يمتلك من سلطة معنوية وتاريخ من الاحتكار للمسرح الفلسطيني. غابت عنه حقيقة دخول مخرجين جدد على الخط. تجاهل واقعة أن من كانوا ممثلين مبتدئين بالأمس القريب، أصبحوا نجوماً يختارون ما يناسبهم من حوارات يشترطون نهايات محددة لها. لا بد أنه رأى في قدرته على التحكّم بمعبر رفح عاملاً ضاغطاً على «حماس»، فكان مصيره خيبة الأمل. نسي (أو تناسى) أن الانقسام الذي فصل غزة عن الضفة أعمق بكثير من أن تردمه دبلوماسية بهلوانية تتلاعب بالأضداد لانتزاع موافقة على تعزيز قبضة محمود عباس، وإعطائه شيكاً على بياض لإبرام تسوية تبدّد ما بقي من حقوق.
واقعة إعلان «حماس» قرارها عدم المشاركة تُظهر أنها تمتلك هامشاً للتحرك؛ «التهدئة» تقيها شر إسرائيل والأنفاق تخفف عنها وطأة الحصار. تعتقد أن الوقت يجري لمصلحتها. عينها على الضفة، المرشحة لأن تشهد اضطرابات لأنها الساحة الوحيدة التي يمكن لـ«فتح» تنفيس احتقانها فيها، ولـ«حماس» الضغط على السلطة كي لا تمضي إلى نهاية مفاوضاتها مع الاحتلال.
في المقابل، يبدو الجزء الثاني من مسلسل «حوار الأديان» يلقى رواجاً منقطع النظير. نجح المنتج السعودي في جمع أكثر من 65 ممثلاً، بينهم تسعة نجوم، في الاستديو في نيويورك. أدّى المخرج، وهو في هذه الحالة الأمم المتحدة، دوراً أساسياً في تجنيب الملك عبد الله الشعور بالإحراج من اللعب إلى جانب شريكه في البطولة، شمعون بيريز.
مسلسل لا يزال السيناريو الخاص به في طور الصياغة. التيمة التي يعالجها بالغة الأهمية وتطال الإنسانية بكينونتها وحاضرها ومستقبلها: إسعاد البشر ومحاربة التطرّف والكراهية والحقد. حبكته تبدو جيدة. توزيع الأدوار ممتاز. نقطة ضعفه أن نهايته يسهل توقّعها: تطبيع يقوّي موقف مستجدي التسوية تمهيداً لمصالحة بمن حضر.
مسرحية ومسلسل ينتميان إلى مدرسة فنية واحدة: أحبّ الحياة وأكره الفرس.