حلا ماضي«إياكم والاستخفاف بعقل الطفل، فهو كائن حادّ الذكاء، لا يقتنع بالحجج السطحية. والاستمرار بالاعتماد على معلومات وحجج واهية لثنيه عن القيام ببعض الأمور، سلوك لا يتناسب مع فكره، وقد يدفعه هو أيضاً إلى الاستخفاف بنفسه، وسيعتمد السطحية والتبسيط أسلوباً في تعامله مع الآخرين في كل الأمور التي تصادفه في الحياة، سواء أكانت جدّية أم بسيطة. وللتوضيح، نذكر أن الأهل يلجأون دائماً إلى اختراع حجج واهية للإجابة عن أسئلة الصغار الصعبة أو المحرجة، أو للتهرب من متطلباتهم. ومن الإجابات التي يسمعها لأصغر حجة أن العصفورة تلصصت على الولد لتنقل أخباره لأهله، أو أن يُقال له إن مدينة الملاهي مقفلة أو أن الصراصير تتغلغل في الشوكولا. بل إن بعض الأهل يذهبون أبعد من ذلك، ويستمرون في تقديم الحجج الواهية، رداً على الأسئلة الحرجة التي يطرحها الأولاد وهم في سن المراهقة. وتمثّل البرامج التلفزيونية مشكلة بين الأهل وأبنائهم.
تلفت أستاذة علم النفس في كلية الآداب في الجامعة اللبنانية، الدكتورة بهاء يحيى، إلى أن الطفل يكتشف مرجعياته في الحياة اليومية، ومن الملاحظات التي يوجهها له الأهل، وبذلك يكوّن فكرة عن هويته الشخصية.
وتضيف يحيى أن الولد في حاجة إلى تبرير منطقي ومقنع إذا أراد الأهل منعه أو نهيه عن مشاهدة برنامج يحوي مشاهد عنف أو كلمات نافرة. وعلى الأهل ألا يكرروا عبارة «هذا ليس للأولاد»، فهي عبارة تحمل كلمات مقتضبة وغير مقبولة، ومثلها عبارات «هذا ليس للفقراء» أو هذا «مكان محظور على السود»، كل هذه العبارات ناتجة من مبدأ الاستبعاد والإقصاء.
وإذا كان الأمر يتعلق بمشاهد عنيفة أو غير مناسبة للأطفال، فعلى الأهلى تبرير ذلك لولدهم كالقول: «لا نريدك أن تشاهد هذا في عمرك، ستنتابك الكوابيس»، أو «تلك المشاهد تتضمن صوراً عنيفة». إذاً عملية الحظر بذاتها ليست سيئة، ولكن يجب تبرير الحظر بأسلوب واضح ومقنع، مهما يكن مستوى الولد الفكري أو عمره، فالولد يحتاج إلى الاحترام، وعلى الأهل أن يعطوه الوقت اللازم لتفسير رغبتهم بمنعه من مشاهدة شيء ما في التلفزيون، أو حتى القيام بأمور غير مرغوب فيها.