شادي كوسىلأول مرة في تاريخهم، ينتخب العرب رئيساً، ولكن للأسف، لم يكن لبلادهم بل لأميركا. لقد عاشوا للمرة الأولى حلم الديموقراطية وهواجسها وانتظارها وترقبها. ما لم يستطيعوا تحقيقه في بلادهم حققوه في بلاد ما وراء المحيط. طبعاً لا أعني هنا العرب الأميركيين الذين مارسوا حقهم الانتخابي انطلاقاً من مواطنيتهم كجزء من نسيج المجتمع الأميركي، بل أعني نحن العرب القابعين في بيوتنا أمام شاشات التلفزة ننتظر من أميركا أن تغير لونها لأول مرة في التاريخ. نعم، لقد كان العرب بمصائبهم وحروب الآخرين عليهم القشة التي قصمت ظهر البعير، وأتت على سياسات الجمهوريين والمحافظين الجدد التي هزت صورة الإمبراطورية وأنهت عصر الهيمنة الوحيدة انطلاقاً من أحداث 11 أيلول، والتي كانت ذريعة أميركا الكبرى في حربها على الإرهاب والحروب الاستباقية إلى كارثة احتلال العراق، التي أنهكت جيش الولايات المتحدة وخزينتها.
نعم، إنها سابقة أن يشارك العرب ولو بطريقة غير مباشرة في إيصال مرشح دون آخر إلى البيت الأبيض. نعم، لقد كانت مصائبهم ونكباتهم رافعة أسهمت إلى حد كبير في إعلاء شأن الرئيس الأسود العتيد.
شخصياً لم أكن أفضّل مرشحاً على آخر، ولم أكن أثق بوعود أي من المرشحين «هل تذكرون وعود جورج بوش بإقامة الدولة الفلسطينية؟». ولكن ما يجب الانتباه إليه هو جيش المستشارين المحيط بالرئيس المقبل وأعضاء مجلس الأمن القومي والسلطة التشريعية ممثلة بالكونغرس، بمجلسيه الشيوخ والنواب، الذي يقر الموازنات الهائلة التي تصرف على الحروب التي تدمر بلادنا وتهلك شعوبنا. يجب ألا نكون غافلين عن أن الديموقراطيين اكتسحوا أيضاً الكونغرس بالتزامن مع إيصال مرشحهم إلى الرئاسة، وهذا ما يذكّر بحقبتين أساسيتين من تاريخ أميركا الحديث، حيث اكتسح الديموقراطيون الكونغرس بعد زلزال الكساد الكبير الذي ضرب أميركا وأوصل الرئيس روزفلت إلى سدة الرئاسة، وأيضاً غداة فضيحة ووترغيت ووصول الرئيس كارتر إلى البيت الأبيض، إذا إنها حقبة ديموقراطية بامتياز لعلّها تكون أقل سوءاً من سابقتها الجمهورية.
بصيص أمل وحيد أراه في فوز أوباما هو انتصار ضد العرقية والعنصرية ونظرية تفوق الرجل الأبيض، إذ إن بين الإنسان العربي وأي إنسان آخر يشعر بالاضطهاد والظلم والتمييز شراكة موضوعية من نوع ما.
بانتظار ما سيأتي به الرئيس المقبل من جديد لأميركا والعالم نتمنى أن يتمكن العرب ذات انتخابات من الإدلاء بأصواتهم في بلادهم.